الكلمات هي الحواس الخمس للشعور، الوسيلة المؤكدة والحصانة الأقوى لمشاعرنا.
بعض حروفها رقيق والبعض الآخر صلب وقاس، وبكلا الحالتين هي رشيقة في عبورها أي جزء منا، فمهما امتلكنا من مهارات لن تسعفنا في التصدي لهجماتها إن كانت مؤلمة ومدمرة.
تنقلاتها خفيفة وخفية، بها تشتعل حروبنا مع أنفسنا والغير، وبها تُخمد أكبر مشكلاتنا ومآسينا، بكلمة نبني علاقة وبأخرى قد نهدمها، تخفق لبعضها قلوبنا مرتبكة وأيضاً قد تصاب بالخرس المفاجئ.
لا تصدق نفسك لو أوهمتك أنك تستطيع العيش من دون أن يُردد على مسامعك كلمات تشجعك حينما يتوقف بك الطريق فجأة، كلمة إطراء لطيفة حينما تكون منهكاً من فوضاك، كلمة تشعرك بالحب حينما تبهت نبضاتك، تخفف عنك شعور الوحدة لأنها ارتقت لأن تكون الونيس لك، حتى إذا رحل صاحبها عنك يبقى لك منه صدى كلماته ليحميك ويؤنس وحدتك.
لو قال لك أحدهم إنك تعاني من علة أو خلل هو السبب وراء تأثرك المبالغ بالكلمات، أو أنك قوي كفاية لتستغني عنها!! فلا تصدقه..
جميعنا مهما بلغنا من القوة والثقة نحتاج أشخاصاً لديهم قاموس مختلف من الكلمات، يمتازون بالسخاء والصدق، لا يختارون الكلمة الأنسب فحسب بل الأجمل على الإطلاق، لا يستعملون الكلمات كأداة لتؤذينا بل لتجعلنا مبتهجين وسعداء.
لو استرجعنا ذكرياتنا سنجد أننا انتقينا منها بعض الكلمات لتعبر عنها، حتى إن نسينا شكل الزمن لا يمكننا نسيان الشعور الذي رافق لحظاتنا بسبب كلمة قيلت في ذلك المكان.
لو توقفنا عند أكبر نجاحاتنا أو حتى أصغرها سنجد أننا التقطنا في عقلنا الباطن صوراً للكلمات الصادقة التي قيلت لنا فأصبحت جزءاً من هذا النجاح.
حتى ولو مرت أمامنا انكساراتنا السابقة أول ما سنتذكره منها تلك الكلمات البسيطة التي اختار أصحابها أن يكونوا السبب في ترميمها وترميم ما بعدها.