تحت‭ ‬القبعة

مها الأحمد 
مها الأحمد
مها الأحمد

أكثر‭ ‬ما‭ ‬نخافه،‭ ‬ونكتب‭ ‬له‭ ‬سيناريوهات‭ ‬متعددة‭ ‬من‭ ‬الأحداث‭ ‬الوهمية‭ ‬المتسلسلة،‭ ‬التي‭ ‬تتفاقم‭ ‬داخل‭ ‬عقولنا‭ ‬فتمنعها‭ ‬عن‭ ‬التفكير‭ ‬والحركة،‭ ‬نسبة‭ ‬حدوثها‭ ‬ضئيلة،‭ ‬وربما‭ ‬مستحيلة،‭ ‬وإن‭ ‬حدث‭ ‬وصدقت‭ ‬إحدى‭ ‬هذه‭ ‬السيناريوهات،‭ ‬سيكون‭ ‬وقعها‭ ‬أقل‭ ‬بكثير‭ ‬مما‭ ‬صورته‭ ‬لنا‭ ‬مخاوفنا،‭ ‬وسنكتشف‭ ‬أن‭ ‬شعورنا‭ ‬تجاهها‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يستحق‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الظلمة‭ ‬التي‭ ‬صنعناها‭ ‬من‭ ‬حولنا‭..‬

الطائرة‭ ‬لن‭ ‬تسقط‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬وهي‭ ‬متجهة‭ ‬نحو‭ ‬مدينتك‭ ‬التي‭ ‬انتظرت‭ ‬السفر‭ ‬إليها‭ ‬كل‭ ‬حياتك،‭ ‬لمجرد‭ ‬أنك‭ ‬مقتنع‭ ‬بأن‭ ‬مشاعر‭ ‬السعادة‭ ‬لا‭ ‬تكتمل‭ ‬معك‭ ‬كسائر‭ ‬البشر‭.‬
المصعد‭ ‬لن‭ ‬يتوقف‭ ‬بك‭ ‬ويعتذر‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬هو‭ ‬وأنفاسك‭.‬
لا‭ ‬تنتظرك‭ ‬أيام‭ ‬سوداء‭ ‬بعد‭ ‬البيضاء‭ ‬التي‭ ‬عشتها‭ ‬في‭ ‬السابق،‭ ‬ولن‭ ‬تتوقف‭ ‬الحياة‭ ‬إن‭ ‬أنت‭ ‬تأخرت‭ ‬في‭ ‬الوصول‭.  ‬
لن‭ ‬يقول‭ ‬عنك‭ ‬فلان‭ ‬أنك‭ ‬جريء‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬اللازم،‭ ‬لأنك‭ ‬بادرت‭ ‬بفرض‭ ‬رأيك،‭ ‬ولن‭ ‬يصفك‭ ‬فلان‭ ‬بالخفة‭ ‬إن‭ ‬تحدثت‭ ‬إليه‭ ‬وأخبرته‭ ‬آخر‭ ‬نكتة‭ ‬سمعتها،‭ ‬لن‭ ‬يلحظ‭ ‬الحضور‭ ‬تلعثمك‭ ‬وأنت‭ ‬تلقي‭ ‬المحاضرة‭ ‬لأول‭ ‬مرة،‭ ‬ولن‭ ‬تفشل‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تجذبهم‭ ‬إليك‭ ‬وتفرض‭ ‬عليهم‭ ‬احترامك‭ ‬والإصغاء‭ ‬لك‭.  ‬
لن‭ ‬يعاقبك‭ ‬القدر‭ ‬ويترقبك‭ ‬ليرد‭ ‬لك‭ ‬إهانة‭ ‬لم‭ ‬تقصدها‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬الأيام‭.‬
لن‭ ‬تفشل‭ ‬في‭ ‬مشروعك‭ ‬الجديد‭ ‬ولن‭ ‬تُفلس‭ ‬وتخسر‭ ‬كل‭ ‬أموالك‭.‬

خطؤك‭ ‬في‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬لن‭ ‬يعاد‭ ‬بنفس‭ ‬الطريقة‭ ‬كل‭ ‬مرة،‭ ‬ولن‭ ‬يتذكره‭ ‬أحد‭ ‬سواك‭.  ‬
لن‭ ‬تتحقق‭ ‬كوابيسك‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬تكررت‭ ‬كل‭ ‬ليلة،‭ ‬ولن‭ ‬يتكرر‭ ‬لك‭ ‬الحدث‭ ‬السيئ‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬اليوم‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬جديد‭.  ‬
لن‭ ‬يخبو‭ ‬بريق‭ ‬نجاحك‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت،‭ ‬ولن‭ ‬تصاب‭ ‬بالأعراض‭ ‬الجانبية‭ ‬النادرة‭ ‬والتي‭ ‬لم‭ ‬تُكتشف‭ ‬بعد‭ ‬للدواء‭ ‬فتكون‭ ‬أنت‭ ‬الحالة‭ ‬رقم‭ ‬واحد‭. ‬
أكبر‭ ‬مخاوفنا‭ ‬نحن‭ ‬من‭ ‬صنعناها‭ ‬وصدقناها‭ ‬وآمنا‭ ‬بها،‭ ‬جرب‭ ‬أن‭ ‬تتجاهل‭ ‬مخاوفك‭ ‬ولو‭ ‬لمرة،‭ ‬وأن‭ ‬تؤمن‭ ‬بأن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬سيحصل‭ ‬لك‭ ‬هو‭ ‬الخير‭ ‬الذي‭ ‬تتمناه،‭ ‬حينها‭ ‬فقط‭ ‬ستجده‭ ‬أمامك‭ ‬يلقي‭ ‬عليك‭ ‬التحية‭ ‬ويرفع‭ ‬لك‭ ‬القبعة‭.‬