لكل منا أسراره الخاصة، وحياة وحده يعيشها لا يختلط بها مع أحد، يختبئ في داخلها ليشعر بأمانه الخاص، حياة يزورها في فترات معينة، هي لا تشبه تلك الأمور التي نخفيها في عقلنا الباطن رافضين تقبلها، بل التي نعيشها ونعترف بوجودها الكامل في فترات محدد في يومنا أو مرة كل أسبوع، أو حتى نعيشها في مخيلتنا ونفكر بها لكن من دون أن يعيش معنا بها أحد!
هناك مثلاً بعض التصدعات والشروخ في حياتنا التي نولد بها من دون تدخل منا، ففي البداية قد لا نجدها عيباً ولكن هناك من يحاول أن يدرجها ضمن نقاط الضعف التي نملكها، وإن نحن حاولنا رفضها كنقاط ضعف أو دافعنا عنها وعن وجودها بالطريقة نفسها، استهلكنا الباقي من حياتنا بتبريرات وحجج لا جدوى منها؛ لذا الأفضل أن تكون في حيز الحياة السرية الخاصة بنا إن لم نكن مستعدين بعد لوجودها في حياتنا العامة.
وليست كل الأسرار التي نعيشها في حياتنا السرية هي تصدعات أو اختلافات لا يتقبلها مجتمعنا؛ بل ربما هي أمور ستفقد جزءاً من جمالها إن نحن تحدثنا عنها أو ظهرت للجميع، كتلك الهويات المميزة التي نفضل أن نمارسها في طقوس خاصة، كأن نقضي ساعات الليل الأخيرة في التأمل الذي يجعلنا نفرغ ما في أذهاننا أو حتى ننسى أن لنا أذهان نعيش بها، بكاؤنا أو حزننا على الأمور السخيفة التي لا يفهم مدى سخافتها وأهميتها غيرنا، رغباتنا غير المسموحة لكنها لم تُشبع بعد ومازالت تئن، النقاط الضعيفة التي تتحكم بنا، عيوبنا التي نحاول التخلص منها بصدق، الكذب الذي يجعلنا أكثر سكوناً وراحة، ككذبتنا الصغيرة على أنفسنا، طموحنا وأفكارنا التي لم تكتمل.
حياتنا السرية هي ملك لنا فقط وليس لك الحق في أن تدخلها حتى وإن نسينا أو ضعفنا وتركنا الباب مفتوحاً في إحدى المرات.