أيها الصديق الوفي، طال غيابك ومازالت المساحات فارغة والأماكن حزينة. وجودك طاغ حتى في غيابك. كيف غادرتنا بهذه السرعة وكأنك تعلم أن رحلتك سريعة فتعاملت مع الأشياء على أنها مؤقتة. تركتنا وجعلتنا نعيش ألم غيابك وقساوة حضورك.
مضت الأيام وكنا نعتقد أن الأيام كفيلة بتخفيف ألم الفراق، لنكتشف أننا في كل يوم نفتقدك أكثر. ياصديقي تركت بصماتك في قلوبنا قبل الأماكن، فما عدنا نعرف هل نعيش الذكرى أم نتخيل الواقع؟. أصبحت معنا في كل التفاصيل نستعيد كلماتك وتعليقاتك، نضحك وكأننا نسمعها للمرة الأولى. مثير في غيابك مثلما هي عادتك دائماً في رقي حضورك. تعيش يومك وكأنه اليوم الأخير، فتعطيه كل شيء، والغد يبقى في خانة الاحتمالات.
ياصديقي الوفي كسبت قلوب الناس وتسللت إلى دواخلهم ببساطتك وطيبتك، لم تتصنع ولم تجتهد، وكل من عرفك تمنى أنه لم يعرفك، لأنك تركت في قلبه ندبة لا تمحوها الأيام. ما أطيبك وأنقاك. لم تحقد على أحد، ولم تسء إلى أحد، أحببت الجميع فأحبوك. وأخلصت لأصدقائك فعشقوك، وكنت مختلفاً في حضورك متسامياً على الصغائر، كبيراً في داخلك.
أراك الآن وأنت تضحك، تدخل المكان وتطلق واحدة من تعليقاتك اللاذعة فيضج المكان بالضحك. تصنع السعادة وتخلق جو المرح في كل مكان. تخفي جراحك عن الجميع، ويرون فقط الجانب المضي. تتحامل على نفسك من أجل ألا تعكر صفو أحد. تكتنز الأحزان لوحدك، بينما الأفراح حق مشاع للآخرين.
غادرتنا أيها الصديق الوفي. وهو درب كلنا فيه سائرون. أنهار من المحبة تحفك في كل مكان، وقلوب كثيرة تلهج لك بالدعاء في كل وقت. أنت لم تغب ولن تغيب فأشخاص يملكون هذه المحبة لايغيبون أبداً.
اليوم الثامن:
لو فقط نستطيع أن نستعيد لحظة
لنقول لمن غادرونا كم نحن نحبهم
@mfalharthi