ما أصعب الظلم وما أقساه. كيف يمكن لعين أن تنام وهي ظالمة؟. كيف يمكن لضمير أن يغفو وهو متجاهل لدوره؟. الظلم هذا الذي يخطف براءة أحاسيسنا وعفوية عطائنا وبساطة حياتنا، ليمنحنا في المقابل شعور المرارة، وفقدان الثقة في الحياة، والتناقض بين ما تعلمنا وما نرى. الشخص الظالم يوجد لنفسه المبررات، فكل تجاوز لحقوقه على الغير يوجد له سبب يعفيه من تأنيب الضمير؛ هذا إذا كان هناك ضمير يعاتب، وبالتالي يصور الأمر لنفسه أن ما يمارسه حقه الطبيعي. خداع للنفس قبل خداع الآخرين.
الشخص الذي يمارس الظلم، مهما كانت قساوته، إلا أنه في داخله شخص ضعيف وجبان. تفكيره محصور في ذاته، والسعادة الحقيقية بعيدة عنه، فمهما منحته الظروف، ستفرض عدالة الحياة واقعها في نهاية المطاف. يعتقد أنه يحقق انتصارات، وهي تبدو هكذا للوهلة الأولى، لكن الأمور بخواتيمها.
ليس أقسى من الظلم إلا الاستمرار فيه. فبدلاً من لحظة مراجعة ومصارحة مع النفس وإعادة الأمور إلى نصابها، يتناسى الظالم ويغمض عينيه عن الحقائق، اعتقاداً منه أنه سوف يغمض أعين العالم، وعين من عينه لا تنام.
الإنسان بطبيعته يرفض الظلم، ولكن ليس في إمكان كل شخص مقاومة الظلم، فأحياناً يكون المحيط أكبر من محاولة التغيير، أو ربما الظلم يأتي من شخص هو الامتداد، فكيف تقاوم جزءاً منك؟. المعطيات تختلف، والتعميم صعب، ولكن مرارة الشعور واحدة.
الحق صوته أعلى وإن خفت. والشمعة الصغيرة تهزم الظلام. فالسلبية تسهم في تكريس الظلم وترسيخه. في حين أن الجهر بما نؤمن، والمصارحة في ما نختلف، تعيد الأمور إلى نصابها. الإيمان بالحق والسعي من أجله يختصر الطريق، ويعطي الأمل لمستقبل تقول العدالة كلمتها، ويستعيد فيها المظلوم نبض الفرح وإشراقة الحياة.
اليوم الثامن:
الظلم يسهم فيه طرفان
شخص ساكت عن الحق
وظالم اغتال صوت ضميره