أحتاج إليك. أحتاجك حقيقة تملأ حياتي، تمتلك تفاصيل يومي. واقعا أعيشه، وليس حلماً أتخيله.
ما عادت المسكنات تكفيني. أحتاج إليك لأنه في غيابك تشابهت الطرق وتاه المسار. وهماً أقنع ذاتي بأن الوقت علاج يمسح كل الندوب. لأكتشف لاحقاً كم كنت أخدع نفسي. وكم هو فراقك مؤلم وعميق. أحتاج إليك لأنني أدركت أن الحقائق تفرض نفسها مهما أوهمنا أنفسنا بعكس ذلك. التجربة جعلتني أرى الأشياء بالأبعاد الثلاثة. مسلمات واضحة لا تقبل الشك ولا التأويل.
حينما نبتعد عمن نحب. نخسر شيئاً من أنفسنا. وكثيراً من عمرنا. ما قيمة الأشياء إذا كانت لك وحدك من دون أن يشاركك من يستحق؟ وهل يجرؤ الفرح على احتلال المكان، وهو يعلم أن القلوب الوحيدة فرحها الأمل، ونشاطها العيش فقط على دكة الانتظار؟ كل يوم يمضي أسائل نفسي هل سوف يخفق القلب. هل ستمطر سمائي بفرح حضورك؟
بطيء هو الزمن في غيابك، فلا الليل يلتزم بوقته ويرحل، ولا النهار يجمع ضوءه ويغادر. كأنهما في موقف عناد متصلب، وأنا من يدفع الزمن. متعب هذا الترقب والارتباك، والأصعب حينما يتداخل مع الظنون والاحتمالات. لكنه الشوق، وذاك الموعد الذي لم ير النور بعد.
أشعر بتأنيب الضمير عند كل لحظة جميلة لم تشاركني فيها. فكل منظر جميل أراه أشعر بحسرة غيابك، وأستكثر على نفسي هذا المنظر من دونك. وكل لحن جميل أسمعه وحدي، تضيع أوتار النغم وتصبح موسيقاه نشازاً. أنت فقط من يضفي على الأشياء جمالها. وأنت من يصنع الفرق.
أحتاجك حقيقة وحياة، وليس وعوداً وانتظاراً. كل العمر الذي مضى من دونك مجرد مقدمة صغيرة لكتاب ضخم هو أنت. كل الخيالات التي أرسمها تصبح لمحة خاطفة عند حقيقة حضورك. مللت الانتظار، واشتقت للحياة.
اليوم الثامن:
حياتي تاهت بين انتظار وقائمة احتمالات
وأنا أريد لعمري أن يبدأ فمتى تكون؟..