أعود إليك بعدما اكتشفت أن الهروب كان إليك وليس منك. وأن الزمن كشف لي عن وجهه الآخر. وأن حساباتي التي اعتقدتها، كانت مجرد نقش عابر على سطح ماء. أعود إليك لأستعيد نفسي. فبعدك لم تعد الأشياء كما كانت، ولم أعد أعرف ذاتي. لحظة حمقاء أبعدتني عنك، فغادرت نفسي وانفصلت عن عقلي وخاصمت مشاعري، أدركت بعدها أنني أقدمت على قطيعة معها جميعاً، وأصبحت في غربة.. لكنني في داخلي لم أغادرك.
كيف يمكن لي أن أغادر عالمي الذي أدخلني إلى فضاء السعادة واستعاد لي فرحي المفقود، وابتسامتي التائهة؟ هل تستطيع البلابل أن تغادر تغريدها، والصباحات المبكرة أن تتنكر لبراءتها، وألحان الموسيقى أن تفارق أوتارها؟.
أعود إليك لأضع النقطة الفاصلة بين مرحلة الضياع والعودة إلى الذات. أعود إليك وأشكك في كلمة العودة، لأن كلمة الفراق كانت رسومات هلامية، أما ما في داخل القلب فلم يتغير على الإطلاق.
أسوأ اللحظات هي التي تغيب فيها البصيرة، ويرحل عنها العقل. تصبح كلماتنا أعداءنا، وتصرفاتنا خطيئتنا. نتآمر ضد أنفسنا، ونتوهم الأشياء على غير واقعها. لكن الحقائق لا تموت حتى وإن شوهتها، أو حجبتها الأوهام. أنت كنت ومازلت النور الذي قادني إلى فضاءات السعادة، وفيافي الفرح. أنت الرهان الوحيد في حياتي الذي لا يمكن أن أخسره، ويمكنني أن أراهن عليه للأبد، لأنه الاستثناء، خارج الحسابات التقليدية والقوالب المتشابهة.
أعرف أن مساحة التسامح عندك ممتدة بامتداد الفضاء، وأن القلب الحنون لا يمكن أن يصيبه الجحود. وأنك فيض من الحنان، كلما جفت صحاري العالم وأصابها الجفاف، عاد حنانك ليغرقها في بحر من العطاء. أعود إليك بعدما ازددت نضجاً. وعلمتني الحياة أبجديات تجاهلتها في زحمة الأيام.
حينما تجد الحب الحقيقي تمسك به، فإن الزمن ليس كريماً دائماً، والحياة لا تجود دائماً بالأنقياء..
اليوم الثامن:
قبلك كنت في حالة بحث
بعدك محاولة استرجاع
وما بينهما ضيّعت النص.