بقدر ما نتسامح بقدر ما نكون أقرب إلى أنفسنا. التسامح عطاء للشخص ذاته، قبل أن يكون تنازلاً للآخر. التسامح وسيلة راقية لتنقية النفس وتزكيتها. عندما نتسامح فإننا نغلق باب الحقد، وننزع فتيل الحساسيات والتباعد. التسامح دليل قوة وثقة، وليس ضعفاً وتهاوناً. الأنقياء هم الأكثر قدرة على التسامح، والسمو عن الصغائر.
التسامح فن نتعلمه كأسلوب في حياتنا، وهو أبسط الطرق لجعل أيامنا سعيدة. التسامح يعلمنا أن ننظر للجانب المتفائل في حياتنا، ويريحنا من عناء الحسابات والتفكير في ردود الفعل. والكبار، أي في جوهرهم ومعادنهم، وليس في مناصبهم وألقابهم، هم الذين يرسمون اللوحة الأجمل في عالمنا. فهم يستوعبون ويكتنزون فضاء كبيراً داخلهم، هذا الفضاء الذي يحجم السيئ ويضخم الخير. وتلك الذهنية التي تفسر الأشياء بشكلها الإيجابي والمسالم. ينظرون للضوء ويتحاشون الظلال.
نقابل أشخاصاً مختلفين في الطباع والتفكير، ومن الصعب أن نجعل الآخرين يتفقون معنا دائماً، لكن المرونة والتسامح تجعلنا نستوعب الاختلاف، ونتقبل تباين الرؤى. الواثقون من أنفسهم هم الذين يتقبلون هذا التنوع ويحترمون الآخر، حتى لو لم يتفقوا معه. إنه الضوء الذي ينسجه نور التسامح في المحيط.
لكن هناك أشخاصاً يستغلون التسامح، ويعتقدون أنهم أذكى وربما أدهى، غير أنها صورة ناقصة لمشهد غير مكتمل. فالانتصارات الوهمية مداها قصير، والحقائق تطفو على السطح، حتى ولو بعد حين. فالقضية ليست من يفوز ومن يخسر، الإشكالية الحقيقية كيف تربح نفسك، وتعيش حياة سعيدة متوازنة، فحسابات الحياة تصبح مشوهة إذا حصرناها فقط في الأرقام. وتكون أكثر ثراء بوجود قيم أصيلة ومبادئ راقية.
اليوم الثامن:
نجتهد كثيراً...
للحصول على السعادة
بينما التسامح في بساطته
يضمن لنا هذه الغاية.