أنت لا تعلم بأن كل ما تعيشه الآن ما هو إلا محض كذبة، ستتأكد من حقيقتها فيما بعد، حينما تتبدل عليك الوجوه، فتصبح الأقنعة بالنسبة لها هي الحل المناسب كي تخفي قبح ملامحها.
وأنت! أنت ماذا عنك؟ ألم تثرك فكرة أن تأخذ لوجهك وجهًا آخر يشبهك نصفه، والنصف الآخر لا علاقة له بك؟ لكنك ستتظاهر بالعكس وبلا شك، لأننا وبطبيعة الحال نميل بشكلٍ مخيف كي نخفي ما نحن عليه، نخشى أن نبوح بحقيقتنا أمام أعين من نحب، فكيف لو رأينا أنفسنا أمام المرآة؟ هذا العري الكامل يقصمنا، يظهر سوأتنا بأبشع شعور، لن نحتمل أن نشارك نقصنا، أخطاءنا، وذنوبنا الصغيرة، أو حتى الكبيرة معهم، نحن منحازون للصور الناقصة، للأقنعة التي تجملنا بمثالية مصطنعة، لكن لحظة، أتعتقد بأنها لن تسقط عنك؟ بل انتبه جيدًا إذا اعتقدت ذلك؛ لأنها ستسقط، وسينكشف وجهك أمام الملأ دون أن تكون مستعدًا لاستقبال هذا الحدث، سيخفق قلبك وكأنه لم ينبض قط، وكل ما ستفعله حينها، ستنكر كل الأكاذيب التي اقترفتها، كل اللحظات التي اختلقتها، ستنكر علاقتك بقناعك الذي التصق بوجهك طويلًا، نعم ستنكره فجأة، وأنت المتشبث به حد اليباب.
ليست النهاية أن أظلّ في منتصف الشعور وأنا ممتلئة بالخيبة، ليست النهاية أن أظلّ بلا حبٍ، ليست النهاية أن أبقى بمفردي، ليست النهاية أن أقف، أو حتى أسير بعكس الآخرين، بل النهاية أن أخسر كل الطرق الممكنة وغير الممكنة، كي أتواصل مع أنايّ، مع هذه الروح المتمايلة بداخلي ومعي من أجل اللا شيء. النهاية يا صديقي هي أن أخسرني من أجلِ حبٍ لا يصلح بأن يُخلد في ذاكرة الأشياء.
لا أذكر قط أني قد استسلمتُ للذكرى، للحد الذي أنسى فيهِ من أكون؟ أو ماذا سأكون؟ لا أذكر أني قد تورطت بالحنين للحد الذي باتت فيه هذه الحياة في عينيّ مستحيلة، فالألم لن يمر، والجرح لن يندمل، نحن لن ننسى، بل يجب عليّنا أن نتناسى، حتى نتخفف من وطأة الوجع قليلًا، وهذا سأفعله مرارًا وتكرارًا كي لا أقع في فخ العلاقات المبتورة من حلمٍ ملوّن، كاد أن يتحقق، لو أنه لم يتقاطع مع تيه الشعور.