يُقام اليوم في 11 من شهر أبريل، عدد كبير من احتفالات اليوم العالمي لمرض باركنسون أو الشلل الرعاش، بهدف رفع مستوى الوعي بهذا المرض. الباركنسون هو مرض تنكّسي يُسبب تدهوراً في أجزاء من الدماغ، فيُسبب بطء الحركة، والارتعاش، ومشاكل في التوازن، وغير ذلك من الأعراض.
أسباب الإصابة بمرض باركنسون غير معروفة في معظها، ولكن بعضها وراثي. هذا المرض غير قابل للشفاء، ولكن هناك العديد من الخيارات العلاجية التي تساعد على تحسين حالة المرضى وتحسين جودة حياتهم.
لمناسبة اليوم العالمي لمرض الشلل الرعاش، التقت "سيّدتي" الدكتور زكريا عماش، استشاري في أمراض الدماغ والجهاز العصبي، واختصاصي في مرض باركنسون، للإطلاع منه على أبرز وأحدث المستجدات في ما يتعلق بالمرض والعلاجات، وعادت بالمعلومات الآتية.

ما هو مرض باركنسون وكيف يؤثر على الجسم؟
عند الإصابة بمرض باركنسون يكون جزء من الدماغ قد بدأ بالتدهور، مسبباً أعراضاً أكثر حدةً مع مرور الوقت. ورغم أن هذا المرض معروف بتأثيره على القدرة في التحكم بالحركة، ومع تقدم المرض قد يُسبب كذلك مجموعة كبيرة من الآثار الأخرى على الحواس، والقدرة على التفكير، والصحة النفسية، حيث نجد المرضى يعانون من الاكتئاب والانزواء.
يُسبب الشلل الرعاش تدهوراً في منطقة العقد القاعدية من الدماغ، فيفقد المصاب قدرات تلك المناطق. وقد كشف الباحثون أن هذا المرض يؤدي إلى تحول كبير في كيمياء الدماغ.
لدى الشخص الطبيعي، يستخدم الدماغ النواقل العصبية للتحكم في كيفية تواصل خلايا الدماغ مع بعضها البعض، لكن عند الإصابة بمرض باركنسون، لا يكون لدى المريض ما يكفي من الدوبامين، أحد أهم النواقل العصبية.
عندما يُرسل الدماغ إشارات تنشيط تُنبه العضلات للحركة، فإنه يضبط حركة الجسم بدقة باستخدام الخلايا التي تتطلب الدوبامين. لهذا السبب، نجد مرضى باركنسون يعانون من بطء الحركة والإرتعاش بسبب نقص الدوبامين.
الأعراض سوف تتفاقم مع تقدم المرض وتزداد حدّة. غالباً ما تؤثر المراحل المتأخرة من المرض على طريقة عمل الدماغ، مما يؤدي إلى ظهور أعراض مشابهة لأعراض الخرف والاكتئاب.
هل تصف لنا الأعراض الحركية وغير الحركية لمرض باركنسون؟
الأعراض الحركية لمرض باركنسون تشمل الآتي:
- بطء الحركة، حيث يتطلب تشخيص المرض وجود هذا العارض. يصفه المرضى على أنه ضعف العضلات، ولكن في الحقيقة هو يحدث بسبب مشاكل في الحركة.
- الارتعاش أو الرجفة أثناء رالراحة أو الحركة، ويحدث هذا العارض لدى نحو 80% من المرضى مع تقدم المرض.
- تيبس الجسم، أو الشعور بالصلابة أو التيبس في جزء معين من الجسم، وهو تصلب ثابت لا يتغير عند تحريك جزء من الجسم. وهذا العارض شائع أيضاً لدى مرضى باركنسون.
- المشي البطيء وشكل غير مستقر للجسم، حيث تسبب الحركات البطيئة والتيبس المصاحب وقفة منحنية، وتحريك أقل للذراعين عند المشي.
قد يهمك الإطلاع على نصائح للوقاية من الخرف وأمراض الشيخوخة الأخرى
بالإضافة إلى أعراض حركية أخرى، مثل:
- رمش العين بشكل أقل من المعتاد، بسبب ضعف التحكم في عضلات الوجه.
- خط يد صغير ومتشنج أو صغير، بسبب مشاكل في التحكم في العضلات.
- سيلان اللعاب، بسبب فقدان التحكم في عضلات الوجه.
- غياب تعابير الوجه، التي قد تتغير بشكل طفيف جداً أو لا تتغير على الإطلاق.
- صعوبة البلع، التي تحدث بسب ضعف التحكم في عضلات الحلق في الحالات المتطورة من المرض، مما يزيد من خطر الإصابة بمشاكل مثل الالتهاب الرئوي أو الاختناق.
- صوت منخفض، بسبب ضعف التحكم في عضلات الحلق والصدر، عند تطور المرض.
أما الأعراض غير الحركية لمرض باركنسون، فتشمل الآتي:
- أعراض الجهاز العصبي اللاإرادي، وتشمل: انخفاض ضغط الدم عند الوقوف، الإمساك، مشاكل الجهاز الهضمي، سلس البول، والاضطرابات الجنسية.
- الاكتئاب مشاكل النوم مثل اضطراب حركة الأطراف الدورية، واضطراب حركة العين السريعة، ومتلازمة تململ الساقين.
- فقدان حاسة الشم وصعوبة التفكير والتركيز.
هذه الأعراض غير الحركية قد تظهر في المراحل المبكرة من المرض، وقد تكون علامات تحذيرية تبدأ قبل سنوات أو حتى عقود من ظهور الأعراض الحركية.
ما أحدث علاجات الباركنسون؟

يؤكد الدكتور زكريا عماش بأن الأدوية المتوفرة حالياً، هي عقاقير تساهم في الحدّ من تفاقم أعراض مرض باركنسون وتحسين جودة حياة المريض، بالتالي تسمح للمصاب بعيش حياة أفضل.
لسوء الحظ لا توجد علاجات نهائية لمرض باركنسون، لكن تطور المرض يختلف كثيراً بين مريض وآخر. فبعض المرضى تكون أعراضهم خفيفة ويبقى المرض نحو 10- 15 عاماً من دون تطور بارز، ولدى آخرين يتطور المرض بطريقة أسرع بكثير. من هنا لا يمكن للأطباء التنبؤ بوتيرة تطور المرض وبالأعراض التي ستظهر تباعاً، لأن تطور المرض يختلف كثيراً كما أشرت بين مريض وآخر.
يتوفر نوعان من العلاجات لمرض الشلل الرعاش، وهما:
العلاج بالأدوية والعلاج بالجراحة، وهذان العلاجان شهدا تطورات بالغة في السنوات العشر الأخيرة.
العلاج بالأدوية
كان يتوفر في الماضي، القليل من الأدوية، فيما اليوم صار عدد الأدوية المتاح للعلاج كبيرًا جداً. أما الجراحة فلا يتم اللجوء إليها إلا لدى الحالات من المرضى التي لا تتجاوب مع الأدوية. من هنا نؤكد أن الخيار الجراحي لمرض باركنسون، هو فقط في الحالات المستعصية.
الأدوية المتوفرة حالياً قادرة على تقليل الأعراض الحركية، مثل الحركة العامة للجسم والمشي والرعاش. هذه الأدوية تعمل على زيادة إفراز الدوبامين في الدماغ، أو من خلال العمل كبديل له. لأنه وكما ذكرنا آنفاً، فإن تراجع نسبة الدوبامين في الدماغ تجعل أعراض المرض تظهر أكثر فأكثر.
غالبية مرضى الباركنسون يشهدون تحسناً كبيراً بعد الالتزام بتناول العقاقير الطبية الموصوفة من قبل طبيبهم المعالج، فيما تتوقف قلة منهم عن الحصول على فائدة هذه الأدوية بعد وقت غير محدد.
أساس علاج مرض الباركنسون هو مادة الليفودوبا Levodopa، الطبيعية التي تدخل الجسم عبر الدواء وتتحول إلى دوبامين في الدماغ، حيث يكون مرضى الباركنسون يعانون من نقص في مستواه.
وعند الجمع بين مادتي الليفودوبا والكاربيدوبا Carbidopa، المتوفرتين تحت أسماء تجارية مختلفة، يصبح دخول الدوبامين أسرع إلى الدماغ. كما يخفف أو يمنع الغثيان الناتج تناول الدواء.
عادة نبدأ بنصف حبة من الدواء لمرضى الباركنسون، 3 مرات في اليوم، على أن تزداد كمية الدواء إذا لزم الأمر في ما بعد. ومن المفضل أن تؤخذ قبل نصف ساعة تقريباً من تناول وجبة الطعام، أو بعدها بنحو ساعة من الوقت.
تتوفر نسخات جديدة مُنّشَّطة من الأدوية التي تحتوي على مادتي الليفودوبا والكاربيدوبا، وهي تساعد على التحكم في الأعراض عندما يتوقف مفعول الأدوية الفموية بعد مدة معينة من تعاطي المريض له.
كما باتت تتوفر حقن تحتوي على هاتين المادتين الطبيعيتين، وتُعطى لمريض الباركنسون، الذي وصل إلى حالة متقدمة من المرض، عبر أنبوب التغذية لتدخل مباشرة إلى الأمعاء.
بالإضافة إلى حقن تُحقن مباشرة تحت الجلد، فتساعد مريض الباركنسون على تحسين الصعوبات الحركية.
أما الفئات الأخرى من الأدوية العلاجية، فهي ناهضات الدوبامين، لا تتحول الى دوبامين في الدماغ، مثلما تفعل الأدوية السابقة الذكر، إنما تحاكي تأثيرات الدوبامين في الدماغ.
مفعولها ليس كمفعول الأدوية التي تحفز الدوبامين، لكنه يدوم لفترات أطول؛ وهذا الأمر يعتبر على قدر من الأهمية. ويتوفر من هذه الفئات أدوية أكثر حداثة عن تلك التي كانت متوفرة في السابق. وتُعطى للمريض على شكل "لاصقة" تُلصق على صدر المريض.
بالإضافة إلى أدوية أخرى تحفز الدوبامين، وهي نوع من الأبومورفين Apomorphine، وتُعطى على شكل حقن، ونصفها لتوفير الراحة السريعة لمريض الباركنسون الذي يعاني من تدهور فجائي في حركته.
لكن لأدوية ناهضات الدوبامين، بعض الآثار الجانبية مثل الغثيان، الدوار، الهلوسة والنعاس وبعض الحركات اللاإرادية والسلوكيات القهرية مثل فرط الطعام والرغبة في إقامة علاقة حميمة. لذلك عادة ما نقوم بإعلام المريض وأهله بهذه الآثار، وبضرورة مراجعة الطبيب حال ملاحظتها.
لكن هذه الآثار السلبية لا تقف عائقاً أمام وصف هذا النوع من الأدوية، لأن مفاعيلها جيدة جداً على مرضى الباركنسون.
والفئة الأخيرة من الأدوية التي نصفها كأطباء لمرضى الباركنسون، هي الـ Mao inhibitor، وتتوفر منها مجموعة حديثة من هذه الأدوية، وهي تعمل على إيقاف نشاط إنزيم الماو بي Mao- B ، الذي يعمل على تكسير الدوبامين في الدماغ.
هذه الأدوية تحد من فقدان الليبودوما لفعاليته، وبالتالي جعله أكثر فعالية.
العلاج بالجراحة
شهد العلاج بالجراحة لمرضى الباركنسون الذين لا يستجيبون للعلاجات الدوائية، تطوراً ملحوظاً. حيث كانت العمليات الأولى عبارة عن زرع بطارية تحت الجلد، يتم وصلها بالدماغ وتحسين حركة الدماغ. أو إجراء كيّ لمنطقة معينة في الدماغ لتخفف من الشلل الرعاش.
أما العلاجات الجراحية المتقدمة، فهي عبارة عن جلسة تصوير بالموجات فوق الصوتية، يتم خلالها تركيز وتوجيه هذه الموجات بواسطة الرنين المغناطيسي Mrgfus، نحو المناطق المسؤولة عن الرعاش، مما يحسّن الرعاش لدى المرضى على نحو كبير.
*ملاحظة من "سيّدتي" : قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج استشارة طبيب مختص.