يعاني أكثر من 32% من البالغين في لبنان من السِمنة، ونظراً للزيادة الكبيرة في معدلات السِمنة بين الأطفال والمراهقين، يُجمع خبراء الصحة على الأهمية القصوى لمعالجة مشكلة السِمنة المفرطة، والتعامل معها على أنّها مرض خطير، قد يعطّل عمل أجهزة كثيرة في الجسم.
وأعداد أصحاب السِمنة ليست مرتفعة في لبنان فحسب؛ بل في عدد كبير من الدول العربية والأجنبية؛ حيث تؤثر على حياة الملايين حول العالم، وتفرض عبئاً اقتصادياً يصعُب تحمُّله على الأنظمة الصحية في مختلف الدول؛ وَفقاً لما أشار إليه الأطباء خلال الندوة التي أُقيمت في بيروت، برعاية شركة نوفونورديسك، وحضرتها «سيّدتي». وفي الآتي، اختصار لأبرز ما جاء من معلومات مهمة في الندوة:
السِمنة تُعرّضك للإصابة بأمراض خطيرة
استهلت الجلسةَ رئيسةُ الجمعية اللبنانية لأمراض الغدد الصماء والسكري والدهون، الدكتورة ميراي عمّ؛ مشيرة إلى أنه تمّ الاعتراف بالسِمنة كمرضٍ من أمراض العصر من قِبل منظمة الصحة العالمية، وهي حالة مزمنة خطيرة وتقدمية وتحتاج إلى متابعة من قِبل اختصاصيين؛ كونها تؤدي إلى الإصابة بأمراض عديدة، ليس فقط السكري؛ بل أيضاً أمراض القلب والكبد، والسرطانات وغيرها.
ثم تحدثت طبيبة الغدد الصماء للأطفال الدكتورة غادة الحاج شحادة؛ قائلة: "انتشار السِمنة تَضاعف عالمياً بين عامي 1990 و2022. وفي عام 2022، قدّرت منظمة الصحة العالمية أن 37 مليون طفل دون سن الخامسة، يعانون من زيادة في الوزن، وأن 390 مليون طفل ومراهق تتراوح أعمارهم بين 5 و19 عاماً، يعانون من الوزن الزائد، وأن هذه النسبة في ازدياد مستمر، لاسيّما في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، ولدى الفئات الاجتماعية والاقتصادية ذات الدخل المنخفض. فيما قدّرت دراسة أُجريت في الجامعة الأمريكية في بيروت لعام 2017، انتشار زيادة الوزن بنسبة 6.5% بين الأطفال في لبنان، وبلغت نسبة السِمنة المفرطة 2.7%، مع وجود مؤشرات مهمة تشمل ارتفاع المستوى الاجتماعي والاقتصادي.
إن زيادة الوزن والسِمنة لدى الأطفال والمراهقين، ترتبط بارتفاع مخاطر الإصابة بالأمراض غير المُعدية، وخاصةً السكري، أمراض القلب والأوعية الدموية، وأمراض الجهاز التنفسي، والاضطرابات العصبية.
كما أن سِمنة الأطفال والمراهقين لها آثار سلبية كبيرة على الصحة النفسية لدى هؤلاء؛ حيث تؤثر على أدائهم الدراسي ونوعية حياتهم. كما تُعرّضهم للتنمر والتمييز".
الأشخاص البدناء يعانون من مشاكل نفسية
إن الأشخاص البدناء، أو الذين يعانون من السِمنة، يواجهون وصمة اجتماعية ومشاكل نفسية كثيرة، وَفق ما أكدت اختصاصية علم النفس، الدكتورة ليلى عاقوري ديراني، التي أشارت إلى أن العوامل النفسية تلعب دوراً كبيراً في تزايد السِمنة وفي القدرة على إدارتها. لذلك من الضروري تقديم الدعم النفسي اللازم للأشخاص الذين يكافحون السِمنة؛ لتحقيق تغيير مستدام في صحتهم. لاسيّما وأن السِمنة ليست مجرد نقصٍ في الإرادة أو خيارٍ شخصي؛ بل هي نتيجة تفاعُل معقّد بين عدة عوامل: بيولوجية، وراثية، نفسية وبيئية. لكن رغم ذلك؛ فإنه من الممكن إدارة السِمنة والنجاح في التحكُّم بالوزن على المدى الطويل.
تعديل نمط الحياة للتخلُّص من السِمنة

الدكتورة نتالي ياغي، الاختصاصية في التغذية، أشارت في مداخلتها إلى أهمية التدخلات الغذائية المخصّصة، وتعديل نمط الحياة في علاج السمنة. مؤكدة على توفُّر علاجات دوائية قادرة على إحداث فارق كبير في حياة المصابين بالسِمنة؛ خصوصاً إذا ما ترافقت مع تعديلات في نمط الحياة (نظام غذائي صحي ومتوازن، مع مزاولة التمارين الرياضية المناسبة لكلّ فئة عمرية).
ما هو النظام الغذائي الصحي والمتوازن؟
يرتكز النظام الغذائي الصحي والمتوازن عموماً، على بعض الأسس التي تحمي الصحة العامة، ولعل أبرزها الآتي:
- التركيز على الخضروات والفواكه، وذلك لاحتوائها على كميات وفيرة من الألياف، والمواد المغذية من الفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة، والقليل من السعرات الحرارية بالمُقابل. وهي تساهم في تعزيز الشعور بالشبع، وتقلل من مخاطر الإصابة بالأمراض، وتحول دون اكتساب الوزن الزائد.
- التقليل من تناوُل الملح، والابتعاد عن تناوُل الأطعمة الجاهزة والمنتجات المعلّبة؛ لاحتوائها على الكثير من الملح.
- التنويع في الأطعمة؛ إذ لا يتوفّر طعام واحد يحتوي على جميع المغذيات، وبالكمّ الذي يُلائم احتياجات الجسم.
- التخفيف من استهلاك المشروبات والأطعمة الغنية بالسكر إلى الحدّ الأدنى، مثل: الحلويات، السكاكر، المشروبات الغازية، والعصائر المعلّبة؛ لأنها تتسبب بزيادة الوزن. مع محاولة استبدال ثمرة من الفاكهة أو القليل من الخضروات بها.
- شرب المزيد من الماء خلال اليوم؛ لتحفيز عملية التمثيل الغذائي.
- الابتعاد عن اللحوم المعلّبة وتلك المدهنة، مثل النقانق، والتقليل من اللحوم الحمراء، ويُستبدل بها الأسماك أو صدور الدجاج منزوعة الجلد.
- تناوُل الحبوب والبقوليات؛ فهي تحتوي على الكربوهيدرات، والألياف، والفيتامينات، والمعادن وخالية من الدهون.
- التخلي عن قلي المأكولات لصالح الطهي على البخار أو الشيّ.
- تناوُل حفنة من المكسرات النيّئة كوجبة خفيفة في اليوم؛ لتزويد الجسم بمضادات الأكسدة وتقليل الشعور بالجوع.
- التركيز على زيت الزيتون، الذي يُعتبر المحارب الأول للكولسترول ولتأكسد الخلايا. شرط الاعتدال في تناوُله؛ كونه غنياً بالسعرات الحرارية.
جراحة السمنة من العلاجات المتاحة، فما هي أهميتها؟
يُجيب الدكتور رودريغ شمالي، الاختصاصي في جراحة السِمنة على السؤال؛ قائلاً: "دور جراحة السِمنة في تحسين صحة الجسم، على قدر من الأهمية، إذا كان إجراؤها ضرورياً". مشدداً على أن هذه الجراحة هي جزء من خطة رعاية متكاملة تشمل التقييم ما قبل الجراحة، والدعم ما بعد الجراحة، والمتابعة طويلة الأمد.
وإنطلاقاً من المعلومات الآنفة، ولأن السِمنة مرض معقّد وخطير؛ فهو يتطلب نهجاً شاملاً ومتعدد التخصصات (اختصاصي الغدد الصماء، اختصاصي التغذية، الطبيب الجراح، واختصاصي علم النفس)، من أجل تعافي المريض ودعمه في رحلة علاجه وتحسين نتائجه الصحية وجعلها مستدامة.
* ملاحظة من «سيّدتي»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليكِ استشارة طبيب مختص.