هل أكرهك؟

محمد فهد الحارثي

 

لا تجعلني أكرهك، فمفردة مثل هذه لم تدخل قاموس حياتي بعد. لا تزد عليَّ فالرصيد بدأ ينفد، والمساحات الشاسعة تقلصت. احترت ما بين الصورة والأصل، فما عدت أعرف أنا مع من، أو ما يفترض أن أكون.

على الهون، فالرجولة التي تتشكل بقوالب القساوة والحدة هي شكل مختلف وممسوخ. مسكينة تلك الرجولة، هذه الكلمة التي تحمل من الأحمال ما لا يُحتمل. يا سيدي الرجولة التي تأتي على حساب المشاعر الصادقة واستغلال الطيبة والتمادي في التجاهل والقسوة في التعامل، هي رجولة مزورة. الرجولة التي تجعل من صاحبها «شمشون الجبار»، وهو في داخله عقدة مركبة وهوية ضياع، هي رجولة خادعة، بل تشويه لمعنى الإنسان.

لماذا الرجل الشرقي يعيش عقدة التناقض، ويفرغ كل عقده وانكساراته وهزائمه في أقرب الناس إليه؟! هل الرجولة أن تعطي أجمل ما فيك إلى الخارج والعابر، وتظلم من هم حولك؟! وهل كُتب عليَّ أن أرى الظلال ليتمتع الآخرون بالنور؟ ما أقسى الظلم! وما أمرّه حينما يكون ممن نحب!

أخطو المسافات من أجل أن أقترب إليك أكثر. أتجاوز العقبات من أجل المستقبل الذي أحلم. وأنحاز لك وأظلم نفسي عمداً. هل تشعر؟! أم أن غلاف الرجولة يحصرك في برج؛ ترى العالم ذاتك، وتنسى ما عدا ذلك؟

التنازل ليس معناه الضعف، والعطاء لا يُفسر بأنه غباء. ولكن من غير العدالة أن يظل طرف يعطي وآخر يقسو. دعنا نراجع أنفسنا معاً، فالتراكمات تصنع التباعد. الحياة لا تستحق كل هذا العناء. وكون الإنسان ذاته هو أبسط الطرق للتواصل، بينما الضمير الحي هو الرقيب الحقيقي للإنسان. يا سيدي ترجَّل من صومعتك المزيفة، وكن إنساناً وكفى.

اليوم الثامن:

جربت أن أكرهك
فكرهت الفكرة..