كثيراً ما نجد المتلاعبين يمثّلون دور الضّحيّة (المسكين)، كتجسيد أنفسهم ضحايا الظّروف ليحصلوا على شفقة وتعاطف الآخرين وبلوغ مبتغاهم، إذ يلعب هؤلاء على وتر التّعاطف لدى أصحاب الضّمير الحيّ.
إنّ القدرات العقليّة لمن يقوم بدور الضّحيّة تُقنع صاحبها أنّ الأشياء السّيّئة ستستمرّ في الحدوث، موجّهاً اللّوم على الظّروف وعلى أشخاصٍ معيّنين، وأيّ جهود للتّغيير ستبوء بالفشل، علماً أنّ أصحاب متلازمة الضّحيّة يتفنّنون في دورهم في الهروب من المسؤوليّة وعدم تحمّلها، لاختلاق أعذار مع ردٍ جاهزٍ بأنّ ما يحدث ليس خطوهم، معتقدين أنّ كلّ من حولهم متآمرون ضدّهم، ليست كلّ المواقف السّلبيّة مستحيلة الحلّ، إنّما رفضهم لإيجاد الحلول المناسبة يجعلهم يستمرّون بالأسف والنّدم على ما حدث، لشعورهم بالعجز على تغيير وضعهم مع قدرتهم عليه، ولكن ليبرّروا إحساسهم بالضّعف، وقلّة الحيلة، والاستمرار بتفكيرهم بعدم قيمتهم، ما يولّد لديهم إحساساً دائماً بالخذلان، وصعوبة مواجهة التّحدّيات، وبالتّالي يؤذون أنفسهم في بعض الأحيان من دون مبرّر، بحجّة أنّهم غير جديرين بالحصول على عمل مناسب، فيشعرون بالإحباط واليأس والاستياء من النّاجحين السّعداء، هذا بدوره يُعدّ طريقاً للكآبة والعزلة، ومن الصّعب التّعامل مع شخص يرى نفسه الضّحيّة دائماً، وإنّ التّعامل مع هؤلاء لا يحتّم على الإنسان تحمّل مسؤوليّتهم واتّهاماتهم ولومهم، إنّما السّبيل الصّحيح للتّعامل مع هؤلاء هو مبادلتهم العاطفة مع تجنّب الإشارة إليهم وتصنيفهم بالضّحيّة، بل مساعدتهم في حلّ مشاكلهم عن طريق محادثتهم بشكل سليم عمّا يمكنهم فعله، وتتبادل الأفكار لتحقيق هدفهم من خلال مدح إنجازاتهم وتجاربهم، إذ يمكن التغلّب على دور الضّحيّة ومساعدتهم ودعم الآخرين لهم.
إنّ على كلّ شخصٍ يلعب دور الضّحيّة أن يتخلّص منه، حتى لا يكون عبئاً وثقلاً على المجتمع، مسبّباً نفور الآخرين من حوله، رحم الله امرأً جبّ المغيبة عن نفسه.