ضجيج المعنى 

مها الأحمد 
مها الأحمد
مها الأحمد

منذ فترة طُرح عليَّ سؤال: ما هو معنى الحياة؟ 
قد تبدو هيئة هذا السؤال هادئة ومسالمة يليق بها الإجابات القصيرة التي تحمل شعارات رنانة نغنيها ونحفظها، أو في أجمل الأحوال قد يكون جوابها فلسفياً، عميق الطلة وعظيم القامة.
 لكن في الواقع هو لم يكن كذلك!!! فمنذ أن جاءني تفتحت معه كل نوافذي حتى أنني تعرضت بسببه لنزلات فكرية حادة ومتتالية لا أشفى من واحدة حتى تأتي أخرى لتستحوذ عليَّ بقوة أكثر من سابقتها.
لا أتذكر حتى هذه اللحظة كيف التقطت هذا السؤال، وماهي شكل التفسيرات التي دارت حوله وغلفته حينها!!
هل يا ترى التقطه على أنه كان سؤالاً عاماً يطمئن به السائل عن معنى الحياة نفسها التي نتشارك بها جميعنا على هذه الأرض ولا يختلف عليها أحد؟! 
أم عن معنى خاص يعبّر عني أنا بشكل مستقل؟!
في أثناء تفكيري السريع بالإجابة تكون في ذهني بشكل لا إرادي علامات تحمل إما إشارة صح وإما خطأ وقائمة من معايير التقييم الصارمة التي تنتظر جوابي هي الأخرى من دون رحمة.
لا أدري لما فكرت في هذه الطريقة على الرغم من أنني لم أعد أضع نفسي تحت هذا النوع من التقييم الذي لا يعترف سوى باتجاهين.
انتهى حديثنا العابر أنا وصديقي من دون أن أتذكر جوابي بصورة واضحة، فقد كان ضبابياً نوعاً ما، أو أنه كان كذلك بالنسبة لي أنا على الأقل.
كانت في نيتي كتابة مقال عن السر وراء معنى الحياة وصرحت له بذلك، ولكن في أثناء بحثي عن الجواب اكتشفت أنني أسأت فهم نفسي وسؤاله.
لم يعد هاجس الكتابة هو ما يؤرقني بل العكس تماماً.
استغرق مني هذا البحث وقتاً طويلاً، حتى أن نظرتي له تغيرت، ولأكون أكثر دقة وصدقاً، تكونت واختلفت ألف مرة نظرتي عن الإجابة وطريقة العثور عليها، حتى عثرت على الاتجاه الصحيح الذي عليَّ أن أسلكه في أثناء البحث وهو "نفسي".
فلا أحد يمكنه الرد حتى عن معنى الحياة العام سوى من منظوره هو، حتى ولو أجبرك تعريفه ومعناه على الاعتراف به وتصديقه.
لم تكف الأسئلة عن الدوران والاقتراب مني كل يوم أكثر، وحتى الآن مازلت أبحث عن الإجابة الكبرى .  
يا ترى ما هو المعنى الفريد والخاص بي؟!
ما الذي عليَّ أن أنجزه وأقدمه لحياتي؟!
 كيف ومتى وأين!!  
ما هو شكل دافعي وأي وسواس يشكلني وأشكله؟
عن ماذا سأتخلى ولأجل ماذا؟! 

انتقلت إليَّ عدوى أولئك الذين يشغلهم المعنى كصديقي الذي طرح عليَّ هذا السؤال.
وعلى الرغم من أنني لم أجد بعد المعنى الأكبر لحياتي، لكنني عثرت على معانٍ صغيرة آنستني وستكمل الطريق معي للبحث عن المعنى الأكبر.