خلق الله تعالى الإنسان، وجعل نفسه تتوق لكلّ شيء، وخلق داخله شعوراً بالرّضى أو شعوراً بتمنّي ما لدى الآخرين، إذ قد يحصل صديقك على ترقية في عمله، أو يشتري سيّارة جديدة، أو أيّ أمر جميل، فيتسلّل شعور بالغضب والإحباط، في حين كان لا بدّ أن ينتابك إحساس بالسّعادة والفرح لما حصل عليه، وقد تظهر هذه المشاعر على لغة جسدك، أو قد تحتفظ بها في داخلك، وقد تؤدّي تصرّفات البعض لتدمير العلاقات، ويعود سبب هذا الشّعور إلى أنّ المرء يشعر بأنّ غيره لا يستحقّ ما وصل إليه، وليس كفؤاً لذلك، أو أنّه سيتعالى ويتكبّر عليه، وهذه الأفكار جميعها مغلوطة سرعان ما تكبر وتتطوّر، متحوّلة لأفكار سلبيّة مدمّرة، تنعكس على صاحبها فينظر لنفسه بعين الفشل، وللآخرين بعين النّجاح، وهذا المنظور غير صحيح، لأنّ نجاح البعض لا يعني فشل البعض الآخر، بل من الممكن أن ينجح الجميع معاً عندما يعلم المرء يقيناً أنّ ما حصل عليه هو أمر مكتوب في السّماء، وأنّه نتيجة تعبه وجهده وصل لما وصل إليه، مبتعداً عن مفهوم الغيرة وأنواعها المتعدّدة، والّتي قد تسبّب الاكتئاب نتيجة نجاح البعض، مترافقة بشعور فشل الآخر، وأيضاً هناك الغيرة العدوانيّة وما يترتّب عليها من شعور الغضب، والرغبة بفشل النّاجحين، وسعادة وفرح إن حصل وتمّ فشلهم، كذلك هناك نوع آخر من الغيرة والّتي تسمّى الغيرة الحميدة، وهي أفضل الأنواع، تعمل على تقدير إنجازات الشّخص النّاجح ومراقبة أعماله والتّفكير في السّير وفق المنهج الّذي اتّبعه، بغية التّعلّم منه، واكتساب مهارات تساعده للوصول إلى ما وصل إليه.
لا ينبغي على المرء أن يقارن ذاته بالآخرين، ولا يقيس نفسه بهم، فلكلّ شخص قدراته وظروفه الّتي قد لا تنطبق على الجميع، والّتي تكون سبباً بزرع الآثار السّلبيّة داخل النّفس البشريّة، من قلق وإحباط وغضب قد تصل لدرجة الكره والحقد، مؤدّياً ذلك لإحباط شديد أنّه من المستحيل أن يصل المرء للنّجاح أمام هؤلاء الأشخاص نتيجة ما تطرّق لقلبه من أفكار مغلوطة، وعلى الإنسان أن يسعى جاهداً للتّخلّص من هذه الغيرة بعدم مقارنة نفسه بغيره، وأن يعترف بنجاحات الآخرين، ولا يقلّل منها أبداً، مدركاً أنّ ما يمتلكه من صفات إيجابيّة ونقاط قوّة تساعده في النّجاح من دون التّركيز على نقاط الضّعف لديه، والسّعي لرسم طريق النّجاح الخاصّ به، وأيضاً التّركيز على الأهداف لتزول هذه الغيرة ولا يبقى أثرها في القلوب.