اختلاف الأصل

محمد فهد الحارثي

 

لماذا نحرص أن نكون أشخاصاً وملامح وصوراً مختلفة ما عدا أنفسنا. وهل الآخر بالضرورة الأفضل؟ وهم نعيشه وندفع ثمنه من حياتنا ومشاعرنا. ننشغل بالصورة وننسى الأصل. الصراع بين الأقنعة والأشكال، إشكالية تجعل علاقاتنا مشوهة. فالآخرون يحتارون مع من يتعاملون، وماهية حقيقة الشخصية. محاولة التجميل والتقمص ينتج عنها أحياناً كيان ممسوخ يفتقد اللون والطعم والرائحة.

الحياة لا تستحق كل هذا الاجتهاد. فالمسألة أبسط بكثير من ذلك. عندما نكون أنفسنا بواقعنا ونرضى بشخصيتنا وعيوبنا، ونتصالح مع أنفسنا، ينعكس كل هذا على حياتنا. تصبح الحياة أجمل. فالعمر أقصر من أن نضيعه في مسارات بعيدة عن حقيقتنا. وكم من أشخاص ننبهر فيهم في البدايات لنكتشف لاحقاً أنهم عبارة عن قناع رقيق لا يتحمل ضوء الحقيقة. أحياناً نتعاطف معهم لأنهم يعيشون أزمة مع ذاتهم وتناقضاً دائماً مع العالم الخارجي. الصور المزيفة قصيرة المدى مهما كانت باهرة الألوان.

المزيفون يشوهون جمالية الحياة ويفقدوننا الثقة في الآخرين. رغم أنهم لو كانوا أنفسهم لكانوا أجمل وأكثر قبولاً. أقصر الطرق للوصول لأي إنسان أن تكون ذاتك لأن العلاقات الإنسانية في نهاية الأمر هي مشاعر، وليست مصالح. إن الصور التجميلية التي يحرص كل طرف على استنساخها هي في ذاتها اللغم الذي يحمل في باطنه الإحباط والشعور بالخداع. ومتى ما اهتزت الثقة فإن الكيان سيتصدع، فالثقة كنسيج العنكبوت لا يمكن إصلاحه عندما يتمزق.

التنوع والتباين جزء من جمالية هذه الحياة. ومن إعجاز الخالق أن كل شخص مختلف عن الآخر، ويستحيل التطابق التام. فاختلافنا عن الآخر ميزة مهمة تمنحنا الفرصة بأن نصنع إبداعنا الخاص وشخصيتنا المميزة. لو استطعنا فقط أن نكون أنفسنا لكانت علاقتنا أفضل، ولكانت الحياة أجمل.

اليوم الثامن:

«احذروا التقليد».. عبارة مهمة

ليس في السلع، بل في البشر.