الصفحة الثانية

محمد فهد الحارثي
إذا ما خذلوك الأشخاص الذين تراهن عليهم، فهي ليست نهاية العالم. هي محطة تكشف لك واقعاً ربما كنت تجهلة. وبطبيعة الحال سيبقى هناك أثر تتركه التجربة، وبصمة تترك معالمها ودروسها. لكن جمالية الحياة تتمثل في أن الماضي صفحة تطوى، وأن الحاضر هو ما هو نعيشه، والمستقبل أمر في علم الغيب. حينما تعطي ثقتك ودعمك وتكتشف أن الأشخاص يستخدموك بطريقة انتهازية، فهي شهادة غير مباشرة بأنك مميز ولك تأثير. وأن الآخرين يحاولون التسلق لكي يصلوا إليك، أو يأخذوا شيئاً مما أنت فيه. تختلف الوسائل والغاية واحدة. ما أسوأ الجحود وما أقساه.. إنه من أكثر الصفات البشرية بشاعة.. يغتال كل البراءة التي يمكن أن تكون فينا.. يشوه الصدق وينزع صور النقاء والعطاء. الشخص الجاحد جبان في طبيعته. ويعاني من عدم الثقة في ذاته، لذلك هو يتصرف بإنكار كامل؛ لأنه يحاول أن يقطع علاقته مع الماضي. وينسى أننا جميعاً لنا محطات بداية وكبوات فشل ومسارات صعبة، وهي دائماً القاسم المشترك بين كل الناس. الجحود مؤلم، خاصة عندما ينظر الآخرون لعطائك على أنه سذاجة، وأن العطاء أمر مضمون. هم يشوهون الصفحات البيضاء في الحياة. هم يختطفون أجمل ما في داخلنا ليمنحونا أسوأ ما فيهم. هم يقابلون الإحسان بالإساءة، والحب بالنكران. وهناك اشخاص تجدهم دائماً في خانة الموجب. تعودوا على العطاء. الرقي في داخلهم يمنعهم من النظر للوحات كيفما كانت، بل هم دائماً بطبيعتهم يرون الأشياء بصورها الجميلة. يضفون داخلهم المضيء على ماحولهم، فتختفي الظلال ويسود النور. وجود هؤلاء في الحياة سر لاستمرار التفاؤل في حياتنا. ميزة الخير أنه موجود في كل مكان. نحن بنظرنا نركز على البقع المظلمة، بينما الفضاء بنوره وامتداده هو الأصل. لابد أن نقلب هذه الصفحة وننظر للصفحة الثانية. ابق كما أنت ولاتسمح للبثور أن تشوه الجمال الذي في داخلك. اجعل الخير الذي ينبع منك يستمر، فالجاحدون والناكرون حالة مؤقتة، بينما من يملك ميزة العطاء وتجاهل الأخطاء، هم من يستحقون فرح الحياة اليوم الثامن: ميزة النسيان أنه يغسل الذاكرة من العابرين وتبقى صفحاتها للأشخاص الذين يستحقون