الصورة المقلوبة

محمد فهد الحارثي

 

لماذا يوجد في داخلنا أنانية متخفية تحرضنا على أن نحقق لأنفسنا الأفضل، حتى لو على حساب الغير، وتحت مسميات مختلفة؟ نسعى دائماً للأخذ، وننسى أن هناك مقابل اسمه العطاءيبادر الإنسان الطيب بالعطاء ويرضينا هذا، ونصنفه دائماً الحل الأسهل. نعدّ العطاء منه من المسلمات، فنتمادى في الأخذ، ونبرر لأنفسنا أي وضع يحقق لنا راحتنا. نتحاشى الدخول في المسببات، لأنها سوف تقودنا إلى مواجهة مع حقائق مخفية، فنميل إلى تناول الأمور بشكلها السطحي.

الطيب دائماً يقدم العطاء عن نفس طيبة، وتجده عند الحاجة، يغنينا عن حاجة الآخرين فيغطينا بعطائه ويعف عند المقابل. الأشخاص الطيبون يفتحون لنا مساحات من الحب لم نلمسها بعد، وعالم جديد لم نتخيله. ما أجملهم في حياتنا، وما أقسانا في التعامل معهم

نتقبل منهم العطاء، بل ونستغرب القصور في حجم عطائهم قياساً بما اعتدنا منهم، وكأنهم خلقوا لكي يعطونا ويضحون بحياتهم من أجلنا. الطيب تجده كريماً في أخلاقه، راق في التعامل، يفتح الأبواب لك حتى لو كانت في الأساس غير موجودة. يزرع الأمل في النفوس المنكسرة، ويستوعب الآخرين من أجل سعادتهم. مشكلتنا أننا نكتشف الأشياء الجميلة بعد أن نفقدها، ولسوء الحظ دائماً ما نكون متأخرين.

لو نراجع أنفسنا دائماً ونسأل: من هم الأشخاص الذين يقدمون لنا في حياتنا ويمهدون لنا الطرقات الصعبة. ويغذوننا دائماً بالطاقة الإيجابية. هم حولنا ولكننا ننشغل عنهم. هم في الغالب ضعيفون في التسويق عن أنفسهم، امتداداً لطبيعتهم التي ترى أن العطاء هو الأمر الطبيعي. ما أصعب أن نظلم هؤلاء الطيبين، نحن لا نظلمهم فقط، بل نغتال أجمل القيم في التواصل الإنساني

لو نتعلم فن رد العطاء، والعدالة مع الآخرين، لكانت حياتنا أجمل. الأخذ والرغبة في الحصول على الأكثر ليس بالضرورة ممراً للسعادة، بل قد يفتح باب الشعور بالإحباط. الحياة تعلمنا أن السعادة ممكنة، واحدة من شروطها العدالة.. وتعلم فن العطاء.  

اليوم الثامن:

.. لأن الأنانية جزء من طبيعتنا كبشر

نخطىء في التصنيفات فتصبح معكوسة

الطيبة دلالة ضعف بينما الخبث دلالة ذكاء!