الوجه الآخر

محمد فهد الحارثي

الطيبون هم الذين يعلموننا أبجديات الحياة، وهم الذين يجعلوننا نستعيد ثقتنا في البشر. الخير هو القاسم المشترك بينهم، يفكرون في الآخر ويسعون لمساعدة المحتاجين. هؤلاء الذين يجعلون من حياتهم ضوءا يسعدون به البشر، وفرحا يزيل هموم المحرومين.

المجتمعات الراقية هي التي يتطور فيها العمل الإنساني، ويمثل لها الإنسان قضية جوهرية تتعاطف معها بغض النظر عن جنسه أو لونه أو دينه. وهذه المرة تأتينا اشراقة النور من الولايات المتحدة لتقدم للعالم صورة إنسانية رائعة. إذ أعلن أكثر من أربعين ملياردير أميركي عن تبرعهم بنصف ثرواتهم لأعمال الخير.

وهو المشروع الذي يتبناه بيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت وثاني أغنى رجل في العالم، ووارن بافيت ثالث أغنى رجل في العالم تحت اسم (التعهد بالعطاء). ويهدف لإقناع مئات الأثرياء بالتنازل عن أغلب ثرواتهم في حياتهم أو بعد موتهم لعمل الخير، وأن يشرحوا ذلك في رسالة. ويتوقع أن يدر المشروع إذا أنجز كليا نحو 600 مليار دولار.

هذا المشروع الذي يجعلنا ننظر بإعجاب لأشخاص ارتقى فيهم الجانب الإنساني لدرجة التبرع بمعظم ثرواتهم،. وتفرض علينا ولو للحظة، المقارنات بين شعوبنا التي ما زال العمل الخيري فيها خجولا ويعيش بفكرة الصدقات ويفتقر للعمل المؤسسي، وآخرين حجموا الأنانية في داخلهم وجعلوا اهتمامهم هو الإنسان بمفهومه العام.

الاهتمام بالشرائح الأقل حظا هو تجسيد للتكافل الإنساني، ومن المحزن أننا نرى صور التكافل في مجتمعات غير مسلمة، بينما مجتمعاتنا التي تتحدث يوميا عن الدين والفضيلة يضعف فيها هذا الجانب. التكافل الحقيقي هو الذي يجعلنا نلمس مشاكل الناس ونعمل من أجلهم. فالتعاطف وحده لايكفي، بينما ترجمة الأحاسيس إلى واقع عملي هو الرهان الحقيقي لتحسين وتطوير المجتمع.

الأشخاص الذين يبادرون إلى العطاء والاهتمام بالآخرين والتفاعل معهم هم أصحاب المعادن النقية، حياتهم مفعمة بالحب والرضا، وأيامهم تكسوها الطمأنينة والسعادة. ومهما بدت الصورة مختلفة فهم الذين يكسبون في نهاية المطاف.

 

اليوم الثامن:

أي استثمار محفوف بالمخاطر

ماعدا الاستثمار في الخير

فهو مضمون النتائج ...