بعد العودة

محمد فهد الحارثي

 

أعود إليك بعدما عرفت أن كل الطرق أوهام، وأنك الحقيقة. أعود إليك بعدما حاولت المغامرة، فاكتشفت أنني قفزت في بحيرة ملمسها ناعم، وباطنها موحش. أعود إليك وأعرف أنني ارتكبت أصعب الأخطاء وأغباها. غاب عني الوعي في لحظة قاسية، فمشيت في مسار لم يكن لي، ولن أكون له.

التجربة تكشف لنا حقائق وتضعنا في مواجهة مع أنفسنا. فبدونك حياتي صحراء قاحلة، خريف باهت ينتظر ربيعك. في غيابك تصبح حياتي صفحات متشابهة. وأيامي تمشي مترددة الخطى، تبحث عن طريق. كنت أعتقد أنه بمجرد أن ابدأ الإبحار سوف أغادر الصور القديمة وأنتقل إلى الفضاء الأجمل. لأكتشف أن الصور أبحرت معي، وأنها أكبر من كل الفضاءات. لم تكن الحسابات دقيقة، ولم تكن الرحلة سهلة.

أعود إليك وأحمل في قلبي الكثير ومعه يقين لا يقبل الشك أنك الخيار الأصدق والأجمل. وأن الحب الحقيقي لايمكن أن يستبدل. حينما يجد الإنسان الشخص الذي يستحق عليه أن يتمسك به، فالحياة ليست دائما كريمة، والحظ لا يطرق الباب كل يوم.

مازلت حتى هذه اللحظة حينما أراك يفز قلبي كطفل صغير، وتغرّد في إطلالتك كل أهازيج الفرح وتباشير السعادة. أنت النقاء في عالم شحّ فيه الوفاء، وأنت السخاء في وقت يصعب فيه العطاء. منك تعلمت أن المعادن الأصيلة لا تتبدل، وأن المشاعر الحقيقية لا تموت.

معك سوف أعيد كتابة فصول حياتي. وسويا سوف نرسم أجمل أيام العمر. فحاضري الآن عنوانه أنت، ومستقبلي تبدأ صفحاته بكلمة نحن.

اليوم الثامن:

حينما نعترف بأخطائنا

فنحن نبدأ الخطوة الأولى

في المسار الصحيح ...