الحياة تمنحنا الكثير، نحن الذين نجهل التعامل معها. نمتلك أفضل الأشياء في حياتنا ويظل نظرنا يرنو للبعيد. نعتقد أن الآخر هو الأفضل، بينما تجربة واحدة تجعلنا نرى الفرق بين الزيف العابر والصدق الثابت. وأنا كلما وضعت خطوة في الاتجاه البعيد شعرت أنني ابتعدت عن نفسي وأصبحت كأنني غريب.
كل المراهنات على الأشياء الوهمية نقش عابر. أشياء وقتية، بينما أنت تجعلين الحياة ترتدي أجمل ألوانها. النقاء في داخلك يبث ضوءه في المكان، فما يعد هناك مجال للمقارنات. الحب لا يأتي ضمن معايير الصفقات والمصالح، بل يتجاوز مساحات المبررات وإيجاد المسببات.
هذه الألوان والضوضاء ما كانت إلا لتضع البصمة الأخيرة على حقيقة ترسَّخت في داخلي. السعادة لا تأتي ضمن شروط الصفقات والمصالح. بل هي في الصدق والمعادن النقية. بين كل هذا الضباب الذي يحوم في المكان، تشعر بأن الزمن مهدر، وأن القضية رهان على وهم خاسر. وحينما تبرز صورتك، تخفت الضوضاء، وتتحول عتمة الأضواء إلى وهج من النور. صورتك لا تماثل بقية الصور، تتقزم الأشياء بجوارها، ويخجل الكذب، ويهرب الزيف.
وحدك التي تحملين النقاء في عالمك. تترفعين عن الصغائر، وتتجاوزين عن توافه الأمور. ببساطتك وعفويتك تتجاوزين كل المظاهر الخادعة. لا يستغرق ذلك منك مجهوداً. كونك أنت فقط يكفي لإسقاط كل الأقنعة عن الآخرين. تتجسد حالة التضاد في أقصى صورها. نور ساطع وظلام كريه. صعبة المقارنات بين الأشياء المتنافرة. أنت حالة منفردة صعبة التكرار.
الزيف يخدع ويمنح الوهم الوقتي. وأستغرب لماذا الرجل الشرقي ينجذب للزيف والخداع، ويكون ضحية يتم استغلاله فيها، وكأنه يفقد العقل ويفتقد المشاعر؟. لماذا يصر الرجل الشرقي على ترك منابع المياه النقية، ليرتوي من مياه ملوثة تصطاده بخداع الألوان الرخيصة؟.
خطواتي التي كنت أظنها في الاتجاه البعيد قادتني إليك أكثر. كل التفاتة كانت في الجهة الأخرى رأيت الظلال وافتقدت النور. نحن نمتلك أجمل الأشياء وأنقاها، لكننا لا ندرك قيمتها إلا حينما نفتقدها ولو للحظات. أعترف لك: حينما عدت إليك التقيت نفسي.
اليوم الثامن:
وجه الشبه بين
الأصباغ والزيف
كلاهما حالة مؤقتة
بينما الصدق والنقاء
حالة دائمة