الطيبون هم الذين يجعلون حياتنا أجمل وأسهل وأكثر قبولا للعيش. هم بفطرتهم يسبغون علينا حنانهم ونقاءهم. يجعلوننا نستعيد الإنسان في داخلنا. يفتحون لنا بوابات الأمل، يقودوننا إلى مرافئ التفاؤل والفرح. هؤلاء الأشخاص مثل الأشجار الوارفة، يتحملون حرارة الشمس الحارقة لأجل أن يمنحنونا الظلال الآمنة.
في حياتنا أشخاص قلائل تعودوا أن يكونوا العطاء بدون منَة. هم الحب دون انتظار المقابل. كرماء في معادنهم، أنقياء في قلوبهم، راقين في تعاملهم. وكم نحن نظلمهم، وننسى أنهم أشخاص مثلنا، فليس لأنهم اعتادوا العطاء نعتقد أن هذا قدرهم، و نتعامل مع هذا الواقع كمسلمات. حينما نفترض أننا نأخذ لأنهم دائما يبادروننا بالعطاء فإننا نمارس أنانية مفرطة وانتهازية مغلفة.
يترفع هؤلاء الأشخاص عن الدخول في المعارك الانتهازية ويمدون نظرهم لأبعد من لحظتنا الآنية. وتجدهم متصالحين مع أنفسهم، مقتنعين بواقعهم، متفائلين بغدهم. بينما الشخص الانتهازي مخادع يحاول أن يظهر بألف صورة مختلفة ما عدا صورته الحقيقية لأنه لايثق بها. ولديه قناعة بأن الغاية تبرر الوسيلة أيا كانت. هؤلاء النماذج يربحون ربما على المدى القصير، لكنهم يخسرون على المدى البعيد. على الأقل أنفسهم. يجهلون أن حقيقة السعادة المشاركة، أما الاحتكار فهو كمن يضحك وحده في قاعة سينما كبيرة.
لحظة صدق مع الذات وحالة صحوة ضمير تجعلنا نراجع حساباتنا، ونرى الأشياء بحقيقتها. في حين أن تحاشي رؤية الأشياء لا يعنى عدم وجودها. بل هو يكشف ضعفنا.
حب الأنا المفرط مقدمة لمشاعر الإحباط والكآبة. مع أن الحياة أبسط بكثير. فكونك تعيش بمشاعرك وصدقك، وتحب للآخرين ما تحب لنفسك، ويكون صوت الضمير لديك عاليا، بل وحاكما، تستطيع حينها أن تكتشف إنسانيتك. الفلاشات السريعة عمرها قصير. الحقائق تدوم إلى الأبد.
اليوم الثامن:
ما أقساهم، هؤلاء الذين يظلمون الأشخاص الطيبين ...
هم لايسئيون لهم، بل يغتالون جوهر الإنسانية