صوت العتاب

محمد فهد الحارثي

 

لا لم أتغير. كيف أتغير، وأنت ما زلت النهر الذي أرتوي منه؟.. لا، لم أبتعد.. كيف أبتعد، وأنا اكتشفت معنى الحياة بعد سنين الحرمان؟.. كيف أخطو بعيداً بعدما عرفت السعادة وشعرت بالأمان. الإنسان يظل مشروعاً غير مكتمل إلى أن يجد الكيان الذي يكمله. وأنا اكتملت حلقات حياتي بوجودك في عالمي. العمر لديَ قسمان: الأول ضاع من دونك، والآخر ابتدأ بوجودك. فما عدت أشعر بالندم على الذي فات؛ لأنك منحتيني في نصف عمر كل الأعمار.

أعترف أن مسافات تباعد بيننا في الأماكن. لكنها أبداً لم تلامس المشاعر. تأخذني دوامة الحياة في دوائرها ومتطلباتها. أشعر بأن الوقت يهرب مني وأنا في ركض مستمر. أسعى للنجاح من أجل أن أحقق السعادة لك. كل إنجاز أحققه هو هدية صغيرة أقدمها لك. أنت الحافز الذي يمنحني الطاقة لأعطي وأستمر. وأنا أدرك أنك تدفعين الضريبة بصبرك وتضحياتك. كل يوم يمضي من دون أن أشاركك فيه لحظاته، يعاتبني ويسألني كيف يحسب هذا في رصيد العمر، وهو من دون من تحب مجرد ورقة في تقويم لا معنى لها، ولا روح. ما أصعب العمر حينما يصبح مجرد أوراق في تقويم.

 كل هذا الركض والتعب في دهاليز الحياة يتنهي في لحظة لقياك. يصبح كل ما مضى مجرد مقدمة صغيرة لنص كبير هو أنت.  وحدك من يستطيع تغيير الألوان والمشاعر والنبض في لحظة واحدة. الأشخاص الذين نحبهم يمتلكون قرار التغيير، ونحن بإرداتنا نتعامل معهم كطفل صغير.

اعذريني إذا شغلتني الظروف عنك. فكثير منها لأجلك. ألمس في عينيك عتاباً، وفي نبرات صوتك مرارة. وتأكدي أن كل مشاكل الحياة وتقلباتها أتقبلها بصدر رحب، ماعدا حزنك فعنده تنتهي كل الحسابات. أدين لك بالكثير وما زال في القلب شيء أكثر. فنحن طالما نمتلك أنفسنا وهذه المشاعر، فالحياة سوف تهدينا أجمل الفصول، وأحلى أيام العمر.

اليوم الثامن:

كل مسافة تأخذني منك بعيداً

تقربني إليك أكثر..