لحظة مصارحة

محمد فهد الحارثي

 

 

هل كنا قاسين؛ حينما غادرناهم وتجاهلنا مشاعرنا وحنيننا، وتظاهرنا بأننا أي شيء ما عدا أنفسنا؟ ارتدينا قناعاً؛ لنخفي ما في الداخل، وتجاسرنا على كل ما فينا، ورحلنا. أقنعنا أنفسنا بأننا لم نعبر الشاطئ، ونحن ندرك في قرارة النفس أننا في خضم المحيط، لكننا نتوهم بأننا في الساحل البعيد، وأن الأشياء نراها من بُعد، ولم تلامسنا. أحياناً، نصادق الخيال؛ لنهرب من حقائق الواقع.

أعترف لكِ، بأنني اتخذت قرار المغادرة من أجلكِ أنتِ، لم أشأ أن أجرح هذا الكيان الناعم الحنون، كان من الأنانية أن أستمر، كانت انتهازية قاسية، لا أحاول أن أصورها صحوة ضمير، بل ربما هي لحظة مصارحة، أمام حنانكِ المتدفق؛ أشعر بتفاوت العطاء، وصعوبة المقارنات، أنت فضاء استثنائي، وصفحة بيضاء؛ لم يلوثها الزمن، أما أنا؛ فمحاولة لم تكتمل، ونتاج مجتمع لم ينضج بعد.

تعبت من المنطقة الوسطى، الرحيل عنك صعب، الاستمرار أصعب، حينما أخطو الخطوة الأولى بعيداً عنك؛ أكتشف كم هي بسيطة في مساحتها، ولكنها صعبة في إحساسها، وأسأل نفسي: كيف أترك النور، وأنا أعاني عمري من الظلام؟ كيف أغادر بهجة الحياة؛ لأعيش جمود الحقيقة؟

تعيش التناقض بين الرغبة والواقع، بين ما تتمنى وما هو ممكن، تصل إلى نقطة التماس؛ التي تتطلب القرار الصعب، هل أستمر وأعيش الوهم بكل تفاصيله، أم أغادر اللحظة وأقسو من أجل مشوار الرحلة؟ ربما لو لم تكوني بكل هذا التميز والطيبة والنقاء؛ لكانت القرارات أسهل، سواء في الرحيل أو البقاء.

تعلمت منك الكثير، كنت أعتقد أن الحياة هي كيف تأخذ، واكتشفت معك، أن السر في العطاء، كنت أعتقد أن الحياة تشترط الذكاء، لكني أدركت أن الذكاء الأكبر هو التصالح مع الذات، أفكار كثيرة أعدت برمجتها؛ لأرى الجانب الجميل في الحياة، وأكون صادقاً مع النفس، وأنا الآن في كل قرارتي أحاول أن أكون الإنسان الجديد.

 

 

اليوم الثامن:

ربما لو أغمضنا أعيننا

عن كل الحقائق...

لكانت حياتنا أجمل