مقارنات مختلفة

محمد فهد الحارثي

 

لا 

ترهق نفسك بالمقارنات. لا تغتال الفرح في حياتك بانشغالك في حسابات متعبة وغير مجزية. كل إنسان مهيئ لما خلق له، والتباين بين البشر من سنة الحياة. المقارنات تجعلنا ننشغل عما لدينا بما لدى غيرنا. تفقدنا متعة الاستقرار من أجل وهم الخيال

المقارنة الحقيقية هي بين الإمكانات المتاحة لك والقدرات الشخصية التي تمتلكها ومدى استثمارك لها وترجمتها إلى إنجازات تتوافق مع إمكاناتك. النجاح ليس بحجم السلطة التي تمتلكها أو الثروة التي تحققها. بل هو بنجاحك وإتقانك ما تقوم به. هو في قدرتك على التطوير والتعايش مع المتغيرات، والأساس في التزامك بقيم تجعل لحياتك معنى، وارتكازك على مفهوم التوازن في الحياة.

الذين تشغلهم المقارنات مع الغير، يعيشون معاناة مع ذواتهم، فهم يشعرون بالحرمان من الحصول على ما تحقق للآخرين، وفي الوقت  نفسه يحرمون من متعة الأشياء التي تحققت لهم. لذلك تجدهم يشعرون بالإحباط، رغم أنهم لو غيروا نظرتهم للأشياء لتغير إحساسهم ولصنعوا السعادة لأنفسهم.

بعض الأشياء تبدو للوهلة الأولى مثيرة، لكنها انطباعات شكلية. حينما تتعمق في الأشياء تكتشف أن كل إنسان يتعايش مع واقع متشابه مع الغير. لكنه يختلف في حجم الإيجابيات والمشاكل. هي ببساطة نظرية نسبة وتناسب

ما يحقق الفرق هو جوهر الإنسان. فالسعادة الحقيقية تنبع من داخل الإنسان. كما أن التعاسة إحساس يصنعه الإنسان أيضاً. المحيط الخارجي يضخم صورة الأشياء في دواخلنا، لكن الجوهر هو الرهان الحقيقي، فالمعادن النقية كلما كبر واقعها ووضعها تزداد إشراقا، خاصة لو نؤمن بما لدينا من وضع وإمكانات. حينها، سندرك أن هناك أشياء في حياتنا ذات قيمة عالية نتجاهلها لأننا نعدّها من المسلمات. ولكن عندما نفقدها، ولو للحظات، ندرك كم كنا محظوظين وكم كانت البصيرة غائبة. لو استطعنا أن ننظر لحياتنا بمفهوم جديد لاكتشفنا أن الحياة منحتنا الكثير، وأننا نستطيع أن نرسم حياتنا ونحدد مسار الطريق.

اليوم الثامن:

من ينشغل بالمقارنات 

يخسر التمتع بما لديه 

ليعيش مرارة الإحباط