سرٌّ من أسرار النّجاح في الحياة وتحقيق الأهداف هو عدم الاستسلام لليأس والابتعاد عن القنوط، فالدّنيا لا تخلو من العقبات والمطبّات التي تفاجئ الإنسان، لذلك سمّيت بهذا الاسم" الدّنيا" لأنها أدنى من الآخرة ولأنّها قبلها، قال تعالى: (وللآخرة خير لك من الأولى)، وهي دنيئة لا تشبه الآخرة بشيء، ولكن على الرغم من دناءتها لا ينبغي على الإنسان الاستسلام والتّراجع عن تحقيق الأهداف المنشودة، وعلى الإنسان أن يتحلّى بالإيجابيّة والعزيمة، ساعياً نحو بلوغ أهدافه الّتي لا تتحقّق بسهولة مطلقة إنّما يجب التّخطيط لذلك، ووضع النّقاط المُساعدة في الوصول إلى القمّة، متجاهلاً كلّ أمرٍ وقولٍ وعملٍ من شأنه أن يقود للاستسلام، خوفاً من الفشل الذي يجعل صاحبه يستسلم في منتصف الطّريق لا يحرّك ساكناً، بل يفتح باباً لأولئك الّذين يتمنّون دماره وفشله.
لذا يجب على الإنسان أن يعلم أنّ الحياة ليست سعيدة دائماً، فيها السّرّاء والضّرّاء، الفرح والحزن، الشّدّة والرّخاء، وقد خلقنا الله تعالى في كَبَد، ووضع الإنسان ضمن اختبارٍ إلهيٍّ صعب عليه تجاوزه من دون النّظر للخلف، فاليأس والتّخاذل لا يليق بكبار النّفوس، بل يسلكه العاجزون غامراً القلوب بالبؤس والضّعف.
وهنا على المؤمن أن يتحلّى بالقوّة والصّبر على الشّدائد، حتّى ينال فرَجاً وفرحاً وجزاءّ في الدّنيا والآخرة، وألّا يخضع للهوان ويسيطر الاستسلام على قلبه، بل يكون قويّاً شجاعاً واثقاً بربّه، لأنّ المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضّعيف وفي كلٍّ خير. كلّ إنسان يمرّ بأزماتٍ عدّة خلال مسيرة حياته وعليه ألّا يتوانى أو يتكاسل عن السّعي للخروج من هذه الصّعوبات ليزداد تألّقاً بعدها، ما يساعده على اكتساب خبرة تجعله إنساناً صلباً قادراً على مواجهة المواقف بحزمٍ وحكمة، مع العمل الجادّ النّافع لنفسه ولمجتمعه، رافضاً الاستسلام لأيّ موقف يعترض طريق تقدّمه، متسلّحاً بثقته بربّه التي تُعدّ العامل المساعد الأول في ذلك، ومن ثمّ ثقته بنفسه وهي البوصلة الموجّهة لعمله ليصل في نهاية مشواره لما يريده ويهدف إليه، فيكون من الفائزين دنيا وآخرة.
نستنتج أنّ تخطّي الفشل وتحدّي الاستسلام مع الإرادة القويّة تُعدّ خطوات ثابتة نحو مستقبلٍ زاهر ونجاحٍ كبير.
مايا الهواري Maya Al Hawari
أول باحثة دكتوراه إماراتية في الذكاء العاطفي