هيبة المعلم 

زهرة ظاهري
زهرة ظاهري
زهرة ظاهري

على عكس الدّول المُتقدّمة والدول في طوْر التقدّم التّي تحرص على رفع مْستوى التعليم بالأساس والإعلاء من قِيمة المعلم، فإنّ بعض دول العالم الثّالث والعالم العربي بالخصوص تشهد تراجع قيمة المُربّي وعدم حفاظه على تلك الرمزيّة والقدسيّة التي كان يُحاط بها سابقاً. 
ولقد سُئل (لي كوان) رئيس وزراء دولة "سنغافورة" السّابق عن سبب تطور سنغافورة في عهده فقال: "أنا لم أقم بمعجزة في سنغافورة. أنا فقط قمت بواجبي تجاه وطني فخصصت موارد الدولة للتعليم وغيّرت مكانة المعلمين من طبقة بائسة إلى طبقة أرْقى في سنغافورة، فالمعلم هو من صنع المعجزة، هو من أنتج جيلاً متواضعاً يحبّ العلم والأخلاق بعد أن كنّا شعباً يشتم بعضه البعض في الشّوارع".

 وفي كلّ الدّول التّي تطمح للرقيّ بشعوبها تجد أنّ الحُكومات أولت الأولويّة المطلقة للمُعلم وابتكرت خطوات عمل رشيدة للنهوض بالمنظومة التعليميّة. وهو ما يؤكّد أهميّة الدّوْر الذّي يلعبه المُعلم في تنشئة أجيال الغد وركيزة البلاد وأعْمدته.

 وقد ظلّ المُعلّم على مدى سنوات طويلة يتمتّع بهيبته وقدسيته ليس لدى تلاميذه فقط، وإنّما كان يحظى بمكانة مرموقة في المجتمع ككل. فلا أحد يجرؤ على سيدي المُعلم أو يتجاوزه. بل أكثر من ذلك، كان الأهالي يعُودون إليه في حلّ بعض مشاكلهم أو خلافاتهم ويطْلبُون منه النصح والاستشارة حتى في أدقّ أمورهم الشخصيّة. 
تلك القدسيّة بدأ المعلم يفقدها شيئاً فشيئاً إلى أن أصبح شخصاً هامشيّاً مسلوب الصلاحيّات لا دور له سِوى تقديم المادّة العلمية لمنظوريه فقط، فتدنّت قيمته الرّمزيّة لدى التّلاميذ والأولياء بسبب عدة عوامل أسهمت في جعل المُعلّم يعيش نوعاً من الإقصاء، بل أكثر من ذلك فقد تعرّض افي أكثر من موقف إلى الإهانة والتعنيف وهذا الأمر دليل على أنّنا تجاه أزمة أخلاق خطيرة، وأنّ مهنة التّعليم ما فتئت تتراجعُ وتفقد مكانتها في العديد من الدّول.
 فمتى ندرك أنه بإصلاح المنظمة التعليمية وإيلاء المُعلم المكانة التي يستحقُّ، لما يحمله من رسالة نبيلة، ترتقي الشّعوب وتزدهر البلدان وتتطوّر الأمم؟