وتد محبة

جيهان كندي

في هذه الحياة أمور نعجز عن استيعابها، فنسلم ونستسلم وأحياناً كثيرة ننكرها؛ لأننا لم نفهمها، أو لا نريد فهمها، لأن إجاباتها تجبرك على اتخاذ الاتجاه الآخر، الذي إن سلكته لا خط رجعة به.
ويبقى الحال على ما هو عليه، فتحب علامات التعجب وتصادق الفراغ، ولا تحاول ملأه.
كي تبقى الأيدي متشابكة، وحبل الوصال ممتد ندعي عدم الفهم.
إذا رأيت أحدهم يقول على الأبيض أسودَ، ويتفهم الخطأ وينعته بالصح؛ فاعلم أنه يمر بحالة من التعايش، لا يريد أن يعرف ولا يخسر أكثر.
مرحلة تقبّل الحال لا يعد ضعفاً، ولا نقول عن صاحبه: شيطان أخرس أو منسحقٌ!!
إنما هي مرحلة متقدمة من النضج تجعله لا يخوض بمعارك هو الخاسر الوحيد بها أو لا ناقة له فيها.
الانتصار- بمعارك القلوب - هو انتصار برتبة خسارة؛ فحين تعلو أجراس انتصاراتنا على من يربطنا بهم ماضٍ ومستقبل تسمع دويها منزعجاً، وكأن به ضميراً صاحياً وليس غافلاً يخبرك: ليست هذه المعركة التي يجب أن تخوض.
ولا هذا النصر الذي من شأنه تنتشي وتهز له شباك الهدف وأكتافك طرباً.
راجع ولا تخجل من أي تراجع أقدمت عليه ولا تراخي بعد شدة انتهجته، إذا كان بمقابل ذلك كسب قلوب وحبال مودة اشتد وتدها ثباتاً.
أحب أن تبقى يدي ممتدة حتى بعد التخلي.. ممتدة بالمودة والذكر الطيب لكل من فارقتهم حتى لو لم يكن الأمر مباشرة.
أحب أن أركن للذكريات الجميلة فقط التي أسعدتني بلا مقابل.
رحلة الحياة طويلة وشاقة ولسنا بحاجة لمَا يُشقينا بها أكثر.
لذا؛ سأجلس دائماً بمخيلة يقظتي، بتلك الطاولة المجاورة للنافذة بمقهى راحة البال! أسمع وأشرب ما أُحب دون أي إضافة (ذكرى) تزعج سكينتي ولا نقد يجهد تحفظي فأغضب.
فأنا لا أجرح، أسامح وأعتذر. وهذا يكفي لأعيش بسلام.
أن تستحق؛ لا يعني أن تكون وصلت المنتهى بالكمال.. يكفي أن تكون إنساناً يشعر، يحترم ويعرف حدوده. والبقية هي في رحمة الله.