نعيش الصراع بين ما يجب وما نريد. نصل إلى نقطة اللاحل؛ فإما رحيل مفروض، أو بقاء مصطنع. أعرف أن الرحيل صعب، وأن البديل مجهول. وقد أخالف مسار العمر؛ فأعود أستعيد ما مضى من الصور والكلمات. هذه الحقيقة التي أواجهها.
أقف الآن في منطقة منتصف الطرق، وأنظر إلى الشاطئ، وأدرك أننا نعيش أحيانًا ضحايا الصور الناقصة، عندما نضحي من أجل من نريد. تغيب الصورة الكاملة وتجرح اللحظة الآنية، نتعامل مع الجزء كواقع وننسى الكل كحقيقة.
تمنحنا الحياة أجمل الأشياء، وتسعدنا بأطيب الأشخاص، نرى الحياة بأبعادها الجميلة وألوانها الزاهية. نفرح كالأطفال ونركض بجنون. نختطف من الزمن أجمله ومن اللحظات أروعها. ومن ثم تقرر الحياة أن تسدل الستار كيفما شاءت.
نحتضن السعادة وننسى ما بعد اللحظة. وتمضي الأيام ليطرح السؤال نفسه: ما المصير؟ وإلى أين الطريق؟ السؤال الذي يجعلنا نقف في خط التماس ما بين حياة نريدها، وضريبتها عالية، وهي ضريبة ربما تلتهم يومًا ما رأس المال.. أو وضع الخط الفاصل والمشي في الاتجاه الآخر، وترميم الجروح وإكمال مشوار الحياة.
قد نبدو أنانيين في لحظة ما، وقد يراها شخص جبنًا في المواجهة، لكن دائمًا الصور المشوهة هي التي نطالعها من الزوايا الضيقة. في هذه اللحظة تكون الأسئلة بمدى الوقت المتاح، بينما الأفكار بامتداد مشوار الحياة. هل نقف عند الوقت المتاح ونعطي الأوهام والصور الوردية؟ أم ننتصر للرحلة الطويلة ونتخذ القرار الصعب ونتحمل كل النتائج بما فيها الصور المشوهة؟!
أصعب المواجهات هي المواجهة مع الذات؛ لأن الانتصار هو في الغالب عكس تيار الرغبات، ولذلك هو انتصار بطعم الهزيمة، هو وجع اللحظة ولكنه شفاء الرحلة. أدرك أن أسهل ما في القرار كلماته، وأصعب ما فيه تنفيذه. إبحار صعب، لكنه يقين بأن النوايا الطيبة تبقى صمام الأمان في رحلة الطريق..
اليوم الثامن:
ربما اللحظة التي نغادر فيها بأوجاعنا ومعاناتنا
هي اللحظة التي ننتصر فيها لمبادئنا وقيمنا..