تُعرَّف العلوم الإنسانية بأنها تلك العلوم التي تُعنَى بوصف ودراسة وتحليل وتوثيق التجربة الإنسانية من جميع جوانبها في مختلف العصور، بما في ذلك العلاقات بين الأفراد وأساليب التعبير والتواصل، وتُسمَّى العلوم الإنسانية في اللغة الإنجليزية humanities، وتُعد العلوم الإنسانية مِظلّة واسعة يمتد أفقها بمجموعة من العلوم الأخرى التي تنطوي تحتها، وبحسب د.تامر البنا خبير العلوم الإنسانية تفتح العلوم الإنسانية نافذة التواصل بين الماضي والحاضر، فتدرس التاريخ الإنساني والعلاقات التي كانت قائمة بين الإنسان والبيئة من حوله، وبين ما يعيشه الإنسان المعاصر في بيئته الحديثة من وسائل تعبير وتواصل مختلفة تبعاً لوجود العديد من التغييرات المُنطلِقة من محيطه الآخذ بالتطور سريعاً.
أنواع العلوم الإنسانية
ترتكز العلوم الإنسانية على تجربة الإنسان، وما يرتبط بمعرفته والثقافة المكتسبة من البيئة المحيطة به، كما أنها تهتم بالتفكير الناقد والتحليل الدقيق للظواهر المرتبطة بالسلوك الإنساني، والتي يتم بها فهم التواصل الإنساني في المجتمعات الإنسانية المختلفة، وهناك مجموعة من العلوم المختلفة التي تدخل في عمق التجربة الإنسانية؛ لتُشكِّل مجتمعة علوم الإنسان التي تساعد على فهم الطبيعة الإنسانية ومن أبرز هذه العلوم: علوم اللغات، والدين، والفلسفة، والتاريخ، والجغرافيا، وعلوم الكتابة، والموسيقى، كما يُضاف إلى الإنسانيات علم الأنثروبولوجيا والعلوم السياسية.
تاريخ العلوم الإنسانية
إن العلوم الإنسانية أو كما تُسمى الإنسانيات في مفهومها الحديث تعود في أصلها إلى المدرسة اليونانية الكلاسيكية القديمة، وتحديداً إلى القرن الخامس قبل الميلاد، حيث كانت هذه العلوم بمثابة دورات تعليمية أطلقها مجموعة من السلاطين في ذلك الوقت، والتي من خلالها يتم إعداد الشباب للمواطنة فيما كان يسمى دولة المدينة، وكان يُطلق على الإنسانيات في ذلك الوقت الطبيعة البشرية، ثم ظهرت هذه العلوم في بعض العصور الإنسانية الأخرى بما في ذلك القرن الأخير قبل الميلاد، وفي العصور الوسطى التي ظهرت فيها بعض العلوم المرتبطة بالإنسان مثل الدراسات اللغوية، والفلسفة والرياضيات، وبعض العلوم الأخرى.
واستمرّت حركة الإنسانيات في القرن الخامس عشر الميلادي عند الإيطاليين من خلال شيوع مجموعة من العلوم في ذلك الوقت على غرار علم البلاغة، وعلوم قواعد اللغة، والشعر، والتاريخ، والفلسلفة الأخلاقية، بالإضافة إلى بعض الدراسات اللاتينية، وبعد ذلك ظهرت حركة للإنسانيات في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين، بدراسة بعض العلوم مثل اللغة اللاتينية واللغة اليونانية، حيث بدأت العلوم الإنسانية في القرن التاسع عشر بتشكيل هُويَّتِها من خلال البعد عن الجمود الذي اختصت به بعض العلوم الفيزيائية التي نظرت إلى الظواهر الكونية التي تحدث في العالم من خلال مظهرها فقط بمعزل عن الأغراض أو المعاني الإنسانية التي توحي بها تلك الظواهر الكونية.