كشف المخرج تامر محسن، عن تخوفاته حول مصير الدراما المصرية، بعد إصرار المنتجين والمعلنين على تقديم مسلسلات ال 30 حلقة في رمضان، في ظروف إنتاج صعبة تضر بمستوى العمل الدرامي وتهدد مصير الصناعة بالكامل.
مخرج مسلسلات "هذا المساء" و"تحت السيطرة" و"بدون ذكر أسماء"، أعلن تخوفاته تجاه إصرار المنتجين والمعلنين وأحيانًا الجمهور على بلوغ المسلسلات الرمضانية 30 حلقة رغم كل شيء ولأجل أهداف قد تكون بعيدة تمامًا عن الدراما، متسائلا في سخرية، هل نتخلص من هذه الظاهرة قبل نهاية العالم؟.
وأضاف في لقاء عبر انستقرام: لا يوجد إنتاج يشبه الإنتاج الرمضاني؛ بأن يكون هناك مسلسل لم يتم تصوير نصف أحداثه على الأقل وتُعرَض حلقته الأولى على الشاشة، هو شيء في منتهى الخطورة ويؤثر على صناع العمل بشكل كبير، فهو يُربكهم ويضعهم تحت ضغوط رهيبة أثناء كتابة الحلقات المتبقية وتصويرها ومونتاجها، وينتقل هذا الارتباك للمشاهد نفسه حين يتابع هذه الحلقات، وقد يشعر بالنفور من المسلسل حتى ولو أحبه وتعلق به أثناء حلقاته الأولى".
تابع قائلًا: أخشى ما أخشاه أن نشهد في لحظة من اللحظات مسلسل يتوقف عن العرض في حلقاته الأخيرة، نجد مسلسل يتوقف وهو يُعرض بالفعل على الشاشة لعدم تمكن صناعه من إنجاز الحلقات الأخيرة تحت ظروف الإنتاج المُربكة التي يتعرضون لها.. حمدًا لله لم يحدث الأمر حتى هذه اللحظة؛ ولكننا لسنا مضطرين لانتظار كارثة بمثل هذا الحجم حتى نحاول تغيير منظومة الـ30 حلقة في إنتاج مسلسلاتنا الدرامية".
وأثنى تامر على صناع الدراما التليفزيونية الحاليين الذين يراهم مؤهلين ومستعدين تمامًا لكسر المعتاد والمتعارف عليه في عالم الدراما، خاصًة الأجيال الشابة والصغيرة التي لم ترتبط بنوستالجيا مسلسلات الساعة 7 قديمًا، لأن كل كاتب ومبدع يرغب بأن ينتهي عمله الإبداعي عندما يشعر بأنه حانت نهايته، وألا يتقيد بعدد حلقات معين يرغمه على مط الأحداث وإفساد حبكة عمله.
وأشار إلى أن هذا التطور أصبح واجب الحدوث بعد ظهور منصات المشاهدة الترفيهية على الإنترنت، سواء نتفليكس أو أمازون أو غيرهما.
وأضاف: التغيير سيأتي بالتأكيد ولكننا نعاند.. هناك منافسة قوية جدًا تأتينا من خارج المنطقة العربية وتنجح تمامًا في جذب المشاهد العربي، وبالتالي سنكون مضطرين لمواكبة هذا التطور في نهاية الأمر. ولكننا سنكون اتخذنا الخطوة بسياسة رد الفعل لإنقاذ الموقف، في حين إنه بإمكاننا الآن اتخاذ موقف استباقي تجاه الصناعة وتطويرها، نحن نحرص على هذه الصناعة ونعلم جيدًا أن أهم عنصر في الفن والسينما هو الدهشة، وكُلما انكسرت دهشة المتلقي، لابد وأن نبحث عن جديد يدهشه.. فبعد السينما الصامتة، أدخلوا الصوت على الأفلام. وبعد الأبيض والأسود ظهرت الألوان على الشاشة، وهكذا.. ينبغي ألا نترك المتلقي يمّل ونحافظ على دهشته دومًا".
وأشار المخرج والكاتب تامر محسن إلى أنه تعرض لبعض هذه الضغوط والصعوبات خلال مسلسلاته بدون ذكر أسماء وتحت السيطرة وهذا المساء، وأنه يعمل مع فريقه تحت ضغوط زمنية وظروف معقدة لإنجاز العمل، لأن الجمهور لا يخصّه تعقيدات الكواليس والإنتاج، وينتظر منك أن تقدم له عملًا جيدًا يحبه ويتورط معه.
واختتم: دومًا نتساءل أنا وفريق العمل في كل مسلسل ننتهي منه كيف أنجزناه في هذه الظروف المُربكة والمعقدة.
تامر أصدر قبل 24 ساعة بيانا أكد فيه أنه يكره المسلسلات ولكنه يدين لها بالكثير من الفضل، ووصف علاقته بها بالمربكة.. ما بين الكره والغرام. وقال تامر في مقارنة بين السينما والدراما "في السينما، أنت تدرك جيدًا الظروف التي سيتلقى فيه المشاهد عملك؛ شاشة كبيرة ومكبرات صوت وهدوء في القاعة، وهذه هي الظروف القياسية التي بحلم بها كل صناع السينما والدراما.. أما في المسلسلات، فأنت لا تعرف كيف سيشاهد المتلقي مسلسلك وما هي الظروف التي ستكون متوفرة له، وهل سيمنح عملك التركيز اللازم أو الاهتمام الذي يليق به أم لا".
ثم روى تامر قصة طريفة عن صديقته التي كانت تشاهد مسلسله هذا المساء، وقال أنها كانت تراسله بأنها لا تستطيع الانتظار لإكمال الحلقات، وأنها تشاهد الحلقات في الشارع لأنها لا تطيق صبرًا. ويقول تامر "تصورت حينها أنها تشاهد حلقات المسلسل على شاشة الهاتف المحمول وفي الشارع، في وضح النهار وتحت أشعة الشمس ووسط الزحام وضوضاء الطريق.
واستكمل" رغم عني شعرت بأن مجهودي في المسلسل يتبدد خلال ظروف المشاهدة تلك، الإضاءة والديكور والكادرات وزوايا التصوير، كيف لها أن تنتبه لكل هذه الفنيات بظروف مشاهدتها التي تحكيلي عنها.. ولكن بعد تفكير، أدركت انه بالعكس؛ هي قد تورطت مع حدوتة المسلسل للغاية، لدرجة أنها لا تطيق صبرًا لمعايشة تطور الأحداث. وهذه غاية يطمح بها كل صناع الدراما، فالمشاهد يتورط مع الحدوتة ويتعايش معها، ولا يوّلي التقنيات هذا الاهتمام المتكلف.. الحدوتة هي الأصل، والتقنيات وسيلة فقط لتوصيل هذه الحدوتة".
كما فسر تامر علاقته المسلسلات قائلًا "حين أقدم على عمل درامي، يرتبط الأمر بالكثير من الشئون الأخرى، وأشعر بأنني أمسك آلة حاسبة طيلة الوقت.. فأنت تصبح تحت ضغط إنجاز عمل بمثل هذه الضخامة خلال 6 أو 8 شهور، وتصبح في معادلة مع الزمن دائمًا، فمعاييرك واختياراتك ليست فنية بشكل تام وتدخل فيها هذه الحسابات للأسف، ولذلك أشعر أن تنفيذ المسلسلات شيء غير مريح.. ولكن على جانب آخر، أنت تحب هذه الحالة خاصًة بعد نجاحك بها وتشعر بتحدي محبب في الأمر، كمن يطلب منك رسم لوحة جميلة خلال 10 دقائق؛ فأنت تفكر ما هي اللوحة التي تستطيع إنجازها بشكل رائع خلال 10 دقائق فقط.. وهذا تحدي به متعة من نوع خاص".
وعلّق تامر أنه عمل بالأفلام الوثائقية أكتر من 8 سنين في بدايته، وأنه أحبها لكنها لم تكن حلمه، فكان يحلم بأن يصبح مخرجًا سينمائيًا، ولكنه تعلم كثيرًا في الأفلام الوثائقية، لإنه كان مضطرًا أن يفعل كل شيء، مونتاج وكتابة ومكساج وتصوير، وتشبع حينها بمفهوم صانع العمل أو Film Maker.
كما أوضح أنه يحب الأفلام القصيرة وأنها الأقرب لقلبه، فلو بإمكانه الاختيار لكان مخرج أفلام قصيرة، ولكنها لا تلقى الاهتمام الكافي من الجمهور العربي حتى الآن.
كما أنه يفتقد العمل بالأفلام الوثائقية وكذلك المسرح، ولكن الدراما قدمت له مرحلة مُرضية بين السينما والمسرح، فهو يقوم بنفس الإعدادات والتحضيرات التي يتعرض لها في صناعة الأفلام، ويتلقى ردود فعل الجمهور عن كل حلقة مباشرًة كما يتلقى ردود أفعال جمهور المسرح فهو قد يكره المسلسلات لأنها غير مريحة في تنفيذها بسبب الضغوط الإنتاجية المقترنة بها، ولكنه يحبها ويقع في غرامها لأنها منحته وتمنحه مثل هذه الأشياء.