تجربة المجهول

محمد فهد الحارثي
| لماذا ينظر الرجل إلى الشاطئ الآخر ويذهب للمدى البعيد؟ لماذا يتعمد مغادرة الأفضل في سبيل اكتشاف المجهول، والسعي للدخول في تجارب من أجل التغيير؟ هل القضية مجرد أرقام تتراكم من أجل الشعور، أم  هي وهم بتحقيق الانتصار؟ هل هي عقد نقص تحتاج إلى مواجهة، وقرار شجاع؟ لا أغضب منك. ولست هنا للعتاب، لكنني أخاف عليك. أخاف أن يجرفك التيار إلى الشواطئ البعيدة، حيث نقطة اللاعودة. أخاف متى ما قلبت صفحتنا، سوف ينتهي الكتاب بكامله، ولن يعود هناك مجال للتراجع، بل فقط تخيل الماضي أو التنقيب في الذكريات. المسافات الكبيرة تبدأ من خطوات صغيرة. وأنا ضد هذه المسافات. تقلقني مساحات التباعد، وترهقني احتمالات الغد. أحتاجك بمشاعرك، بأحاسيسك، بكل ما فيك. لا تبتعد. لاتسمح للظروف أن تختطف منا أجمل ما منحتنا الحياة. الفلاشات اللامعة سرعان ما تنطفئ، لكن البقاء للمشاعر الحقيقية، للجوهر الذي لا تغيره المصالح ومستجدات الأيام. الإبحار في المسارات الجديدة له جاذبية، إذ أن الألوان المزيفة تخدع، وأخطر ما فيها البدايات، حينما تكون الصور الوهمية هي السائدة، وعندما يغلف الخيال الحقيقة. أنت صفحة من النقاء في محيط غريب، تختلط فيه الحسابات، وتضيع فيه المعايير. العالم أصبح أكثر خطراً، فهناك من يتفنن في صنع الأقنعة الجميلة، وهناك من يخطط للأهداف البعيدة. بينما أنا أفهم لغة واحدة فقط، أنك عالمي الوحيد الذي لن يتكرر، وأنك الاستثناء في عالم تشابهت فيه الأشياء. دع المسارات تعود إلى مجراها، دعنا نمنح أنفسنا حقنا من الحياة. خياراتي معك مستقبل ومصير. ولك في القلب مشاعر ما زال رصيدها يفيض. أنت الحياة التي اخترت، والحلم الذي رسمت، ومن أجلك أعيد نقش تفاصيل حياتي من جديد اليوم الثامن: لماذا تظهر الحقيقة متأخرة؟ هل لنشعر بقيمتها وأهميتها أم لنكتشف كم كنا ساذجين وكم كانت الأشياء واضحة؟