بعدما كانت تعمها الفوضى وتعج بالنفايات والأعشاب الضارة، وبعد سنوات من الإهمال. حوّل نشطاء المجتمع المدني مقبرة «سيدي بلعباس» بمدينة سلا (بالقرب من العاصمة الرباط) إلى مقبرة إيكولوجية صديقة للبيئة.
الفاعلون في المجتمع المدني بجمعية «تدبير مقابر سلا»، استغلوا فترة الحجر الصحي، التي انخفض خلالها عدد الزوار من أجل التسريع في جميع أعمالها وتحويل المقبرة إلى فضاء إيكولوجي، وهو ما لمسته سيدتي في زيارتها للفضاء. حيث حرصوا على جعلها فضاء أخضر يحتوي على مساحات خضراء تضم الأشجار والأزهار وتشجير جنباتها، وإنشاء ممرات للراجلين مع تخصيص كراسٍ متحركة للزوار كبار السن والمرضى، وكراسٍ ثابتة يستخدمها الزوار للاستراحة وتجميع القبور وترتيبها في صفوف متماسكة وحسب المناطق، وكذا تسييجها بأسوار وتزويدها بالماء لتمر الزيارات في أحسن الظروف.
إعادة تأهيل المقبرة
وبالإضافة إلى إزالة الأعشاب والتنظيف بين القبور، قام أعضاء الجمعية بإنشاء محطة لتسجيل الوفيات والدفن وإحداث ممرات للراجلين تسمح بالوصول إلى القبور دون المرور فوقها، والعناية بالتشجير والفضاء الأخضر للمقابر، وتأمين الحراسة المستمرة على مستوى المقابر وتشغيل اليد العاملة وتوفير المستلزمات الضرورية للعمل، إلى جانب تنظيم الأنشطة التطوعية الهادفة إلى التحسيس والتوعية بضرورة العناية والمحافظة على نظافة المقابر.
ولم ينس القائمون على إعادة تأهيل المقبرة، من وضع لوحات كبرى تضم الفصول القانونية التي تجرم كل من سولت له نفسه انتهاك حرمة المقابر بأية وسيلة كانت مع العقوبات التي سيتلقاها كل من أخل بالنظام العام. ولأن للميت حرمة ومن منطلقات قدسية وقيم كونية تصون كرامته صار لزاماًـــــــ يقول أحد المستخدمين بالمقبرة لسيدتي ــــــ توفير ظروف ملائمة وجو مفعم بالخشوع والصفاء الروحي لزوار القبور يضمن لهم تواصلاً روحياً أفضل مع موتاهم.
من أفضل المقابر
وليست المرة الأولى التي تحظى فيها مقبرة بكل هذا الكم الهائل من ردود الفعل الإيجابية، والتي عبرت عن روح المواطنة لكل أولئك الذين فكروا في إعادة الاعتبار للمقابر وحرمة أمواتها. فلقد حصدت المقبرة الإسلامية بمدينة «مارتيل» شمال المغرب والتي تشرف عليها جمعية المحافظة على المقابر الإسلامية «بمارتيل» نفس الإشادة والإعجاب من رواد مواقع التواصل الاجتماعي. حيث تعد لحد الآن من أحسن المقابر على الصعيد الوطني، والتي شكلت في السنوات الأخيرة أحد المعالم والنماذج الحضارية الراقية بمدينة «مارتيل».
وكان المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي يعنى برصد تطور حقوق الإنسان في البلاد، قد دعا في تقرير سابق إلى ضرورة التوفر على «مقابر تؤثث المشهد العام داخل البوادي والمدن، في إطار استراتيجية محكمة ومتكاملة لإعداد التراب وتأثيث المجال».