يعدُّ جبل شدا في منطقة الباحة، جنوب السعودية أحد أشهر الجبال جنوب الجزيرة العربية، ويرتفع عن سطح البحر بنحو 1700 متر، وفيه أكبر تنوع نباتي في السعودية، ويعتبر اليوم مقصداً سياحياً، يتوافد إليه السياح من داخل البلاد، ومن الدول العربية، وأوروبا أيضاً، ويتشكَّل جيولوجياً من صخور جرانيتية عظيمة.
جاء ذكر "شدا" في كتب البلدانيين منهم الهمداني والحموي وغيرهما، وذُكِرَ مثنى في شعر يعلى الأحول الأزدي، المتوفى نهاية القرن الأول الهجري، وأورد الأصفهاني قصيدة يعلى الأزدي، وفيها يتشوَّق إلى دياره الأزدية، منها شدوان، وهما جبل شدا الأسفل والأعلى المتجاوران، يقول في مطلعها:
أرقت لبرق دونه شـــدوان يمان وأهوى البرق كل يمـــــــان
فبت لدى البيت الحرام أخيله ومطواي من شـــــوق له أرقان
إذا قلت: شيماه يقولان والهوى يصادف منا بعض من ما يريان
ومع انطلاق موسم السياحة الشتوية في السعودية "الشتاء حولك"، تعدَّدت الفرص الاستثمارية بالسياحة في المناطق الباردة، لتواكب الوضع الذي تعيشه البلاد مع توافد السياح في فصل الصيف، أو الشتاء.
وفي حديثٍ لـ "العربية نت"، بيَّن ناصر الشدوي، الباحث في التاريخ وصاحب أحد الكهوف التي حوَّلها إلى مزار سياحي، أن جبل شدا الأسفل "ثاني هذين الجبلين"، يعدُّ نموذجاً فريداً في تشكيله الجيولوجي، كما أنه يشتهر بكثرة المغاور والكهوف الجرانيتية الواسعة التي استخدمها سكان هذا الجبل منذ آلاف السنين عبر حقب زمنية بعيدة جداً، ويدل على ذلك كثرة الرسوم والنقوش الثمودية والسبئية في مغارات وكهوف هذا الجبل.
وقال: "استُغلَّت هذه الكهوف بوصفها مساكن جاهزة، لا تحتاج سوى إلى بناء قليل من بعض الجوانب المفتوحة، فسُكِنت منذ تلك الأزمان، وفي عصرنا هذا قمت، ولعلي أول مَن قام بذلك، بابتكارٍ وتوظيفٍ جديدٍ لبعض الكهوف الموجودة داخل محيط منزلنا عبر نحتها وتهذيبها لإيجاد مساحات واسعة، لتصبح بعد ذلك مزارات سياحية مشهورة، كما حرصت على عمل المغاسل، وصنابير الماء من الحجر الجرانيتي الصرف، وقمت برصف الطريق الفرعي المؤدي إلى المكان بالحجارة عبر كهوف ومغاور لتصبح أنفاقاً طبيعية، يمارس عبرها قائد المركبة تجربة المغامرة".
وأضاف "وإيماناً مني بالدور الذي يجب أن أقوم به بوصفي باحثاً تاريخياً، قمت بالتعريف بهذا الجبل منذ وقت مبكر من خلال أبحاث وتحقيقات صحافية منشورة، ومحاضرات ألقيتها، ومشاركات عبر وسائل التواصل الاجتماعي حتى ذاعت شهرة هذا الجبل، وأصبحت تأتيه الوفود السياحية من مختلف بقاع العالم".