لا تعيد اجترار الماضي، فهذا صفحة طويت وغادرها الزمن. لا تقف عند تلك النقطة لأن من يعيش الماضي يخسر الحاضر ويقاطع المستقبل. الماضي يبني تاريخاً، لكنه لا يبني مستقبلاً. الدخول في تفاصيل الماضي هو نبش في أوراق ذهبت أدراج الرياح. الصفحة حينما تطوى تصبح الأسئلة إضافات لن تجد لها مكاناً. كل مرحلة لها وجهها الإيجابي وأخطاؤها وحماقاتها. ومن نحن بلا أخطاء.
المحطات التي مضت أخذت معها أشياءها، تاريخها، فرحها، إحباطاتها.. وشيئاً من العمر. وليكن.. جمال العمر في تنوعه وتبايناته، وربما جنونه. لا تحمل الحقد والضغينة على أحد، فالعمر لا يحتمل أن نضيّعه في حسابات الفعل ورد الفعل. التسامح يجعلنا نسترد إنسانيتنا وعفويتنا. يعطينا الأمل لكي نستمر في رحلة غنية لا تنتهي بفشل محطة، بل تواصل طريقها بالإرادة والثقة.
هؤلاء الذين يتخصصون في سرقة أجمل ما فينا ويرحلون، هم الخاسرون. يعتقدون أنهم كانوا الأذكى. مخطئون.. هم خسروا أنفسهم، وعدالة الحياة تفرض شروطها في نهاية المطاف. حينما نتجاهلهم ونجعل من كل يوم جديد، بداية عمر وقصة تفاؤل وموعداً للفرح، نسدد حساباتنا بطريقة راقية. بعض الأشخاص لا يستحقون حتى توقف الذاكرة عندهم. الهامش يكتظ بالحشود، المتن الحقيقي يبقي مساحة خاصة للأنقياء.
لا تقف عند هذه المحطة. تستمر رحلتك، والحياة تناديك. التجارب الفاشلة تهديك خلاصتها من دون أن تدري. تمنحك العمق والثقة والاستيعابية. تفتح لك أبواباً كانت مجهولة رغم أنها كانت أمامك منذ زمن. تلك المفردة البصيرة، نعم البصيرة، التي تجعلنا نرى داخلنا ونتحاور معها، تنقلنا إلى آفاق جديدة، وتفاؤل لا ينتهي بمستقبل أفضل. ما أجمل الحياة إذا قررنا أن نعيشها بإرادتنا. ما أجمل الغد لو استطعنا أن نراه بعقولنا، وليس بعيوننا فقط
اليوم الثامن:
حينما نسمح للماضي أن يسيطر على حاضرنا
فنحن نمنحه الفرصة أن يهزمنا مرتين..
الماضي الذي سرقه، والمستقبل الذي سيختطفه.