عزيزي المرهق نفسياً أو فكرياً كما تحب أن نناديك..
همومك العنيدة التي لا تكف عن التحديق بك في ذهابها وإيابها منك وإليك.
خطؤك البسيط الذي جرّمت نفسك به ومنحته سلطة تذكيرك ليلاً نهاراً بواجبك تجاهه وحقه في أن تهديه نوبات الندم الذي بدأ يستمتع بها معك كلما حان وقت فراغك.
تلك الصخرة السوداء الكبيرة التي تثقل ظهرك رافضة أن تعود إلى حجمها الطبيعي وصفتها الحقيقية التي كانت عليها قبل أن تكتسب تأييد مجموعة بلهاء من الحجارة الصغيرة التي لم يكن لها في السابق شأناً ولا قيمة.
العبوس ونظرات الحزن التي تعبر سماءك على غفلة في بعض الفصول.
لحظة ضعفك التي معها تشطب كل إنجاز تغنيت به، وتتنكر لكل طموح وصلت إليه، وتهدم كل مكان مررت به وحمل اسمك.
الأفكار التي تكبل طاقتك لفترات طويلة وتجعلك مستسلماً لها عاجز عن المضي وحتى عن العودة.
خوفك ممن حولك ما يقولونه ما يفعلونه وما هو انطباعهم عنك، تلعثم الكثير من جملك الصامتة، نظرتك الضيقة من تلك النافذة الواسعة تحديداً، شهيتك المعدومة عن الضحك والحديث لفترات.
شراهتك الملحوظة في بعض الأيام الفردية للبكاء والصمت، تأخرك في الحلم الذي تخفق كل مره في تذكره، الأرق الذي يطارد لياليك الباردة،
السعادة التي تُقسم بأنك لا تعرف ملامحها وتُشكك في صدق رواياتها وذكرياتها معك.
كل ما تقوله وتشعر به وتمر خلاله نشعر به نحن أيضاً.
لسنا أقوياء كفاية ولا حتى محميين عن تلك اللحظات التي تَصفها بهذه الدقة، بل نحن نعرفها تماماً ونمر بها كما تفعل أنت، بعضنا يعترف وبعضنا الآخر يكابر.
فتكلم كيفما شئت، عبر كما يحلو لك، نحن ضعفاء أكثر منك بكثير ولا نجرؤ إلا على التظاهر أننا نتعاطف معك، وفي الحقيقة نحن نتعاطف لأنفسنا.