أن تكون ناجحاً يعني أن تكون مرناً، والمرونة هي قدرة الإنسان على ابتكار أفكارٍ جديدة والتّكيّف مع الصّعوبات التي تعترضه بذكاءٍ وحسنِ تصرّفٍ، والعمل على إيجاد حلولٍ مناسبة وغير تقليدية، وعدم الوقوف عند المشكلات، بل تصغيرها قدر الإمكان واعتبارها أزمة صغيرة تستحقّ المواجهة وليس الهروب منها، وامتلاك الفرد لمهارات الذّكاء العاطفيّ يساعده في الخروج منها بكلّ يسرٍ وسهولة، والتّحرّك والتّكيّف مع الواقع بما يناسبه.
الشّخص المتمتّع بالمرونة ليس شخصاً خارقاً بقدراته الكبيرة على خلاف الأشخاص العاديين كما يدّعي البعض، ولا هو خالٍ من المشاعر، إنّما هو شخصٌ وجّه قدراته وطاقاته الإيجابيّة للتّكيّف مع الصّعوبات، هو إنسانٌ طبيعيّ يفرح ويحزن، ولكنّه سخّر مرونته لخدمته كأنّه كرةٌ خفيفة اكتسب رشاقتها وخفّتها في التّعامل مع مطبّات الحياة، فالكرة متى ارتطمت بالأرض ارتدّت عنها، ومن ثمّ عادت إليها ما أكسبها علاقة وطيدة مع الأرض.
إنّ خاصّيّة الارتداد هذه ولّدت علاقة وثيقة بين الأرض والكرة منحتها المرونة في الذّهاب والإياب بشكل اعتيادي، فليتّخذ الإنسان من هذه العلاقة طريقةً يلتزمها في حياته، مكتسباً خفّة الظلِّ ورشاقة الحركة، والتّكيّف مع الظّروف المحيطة بما يتناسب مع الواقع، متمتّعاً بالتّفاؤلِ والإيجابيّة، مذلِّلاً الصّعاب وجاعلاً منها سلّماً يصعد عليها نحو القمّة، وليس حجارةً تعيق تقدّمه.
من هنا نجد أنّ المرونة تُكسب الإنسان طابعاً خاصّاً، تجعله يتقبّل انتقادات الآخرين، ويتعلّم من أخطائه وأخطائهم، كما نراه يمتلك روحاً مرحةً، ممزوجةً بشخصيّةٍ قياديّة قادرة على تكوين علاقاتٍ اجتماعية، وامتلاك أسلوب حياةٍ مليءٍ بالرّضى والقناعة، ومتّصف بالتّواضعِ الذي يرفع مكانته بين الجميع، فالمرونة حصانة ووقاية من نوائب الدّهر، والإنسان النّاجح لا يشتكي الظروف الصّعبة، بل يفكّر في تغييرها والتّأقلم معها ليصل إلى الهدف المنشود، فبدلاً من لعنِ الظّلام كُن مرناً وأشعل شمعة.