في نهاية شهر الحبّ، وعلى سيرة الحب.
لا يليق بالحبّ أن يكون له يومٌ نذكره فيه ونذكر معه من نحب، يليق بالحبّ أن نخصّصَ له جزءاً من روحنا على امتداد كلّ يوم، على امتداد كلّ العمر..
وهل أجمل من الحبّ نزيّن به زوايا حياتنا، وننثره على طرقاتنا أينما مشينا، ونغلّف به كلّ تصرفاتنا وكلماتنا فتعبق بأريجه كلّ ناحية نمرّ بها ويرتبط ذكرنا بعطره..
وهل أجمل من الحب تعتنقه قلوبنا إيماناً راسخاً بقوّة المشاعر وقدرتها على جعل العالم مكاناً أكثر أماناً، أعمق دفئاً، وأبلغ معنىً..
أؤمن بالحب..
أؤمن بالحبّ كطاقةٍ عظيمةٍ قادرة على تغيير ما نظنّه لا يتغير.. أؤمن بقدرة الحب على إصلاح ما نظنّه انكسر إلى الأبد، أؤمن بطاقة الحبّ على إصلاح خراب النفوس ويباس القلوب وقحط الحياة كلّها..
اعطِ إنساناً حبّاً صادقاً وخذ منه ما يدهش العالم.. اجعل إنساناً يشعر بأنه محبوبٌ فعلاً وأنّ وجوده ذو قيمة وأهمية، وخذ منه كلّ جميلٍ تتمنّاه.. امنح إنساناً قاسياً حناناً حقيقيّاً، وستجد الجفاف يستحيل طراوةً ورقّة، وستلمح براعمَ اللين تتفتح في خجل على أطراف يباسه..
أؤمن بالحب وكل ما يتفرّع منه أو ينتج عنه أويرتبط به من علاقاتٍ إنسانية: صداقة، أمومة، أبوّة، أخوّة، تعاطف، تسامح، تواصل..
أؤمن بالحب وبما هو أجمل منه.. وهل أجمل من الحب سوى التعبير عنه؟
الأجمل من الحبّ أن نسخو في منحه ونجود في إظهاره، أن نغدقه إغداقاً فنتركه مسترسلاً فيّاضاً على سجيّته، من دون أن نصنع له القوالب أو نفسده بالمظاهر. أن نبذله من قلوبنا، من دون أن نحمل في يدنا ميزاناً نقيس فيه ما أعطينا وما أخذنا في المقابل.. أن نجعله لغةً نتعوّد على استعمالها مع من نحبّهم وطريقة عيشِ نعتادها مهما كانت ظروفنا. الأجمل من الحبّ أن نترجمه إلى واقعٍ دائمٍ وثابت، فنتواصل بحبٍّ، ونتشاجر بحبّ، ونتعاتب بحبّ، ونلوم بعضنا بحبّ، ونجتاز أوقاتنا الصعبة معاً بحبّ، وحتى في الفراق إذا عجزنا عن الصمود، نتفارق بحبٍّ.
فلنسرف في الحبّ، فلنجعله احتفالنا اليوميّ بالحياة ومعانيها الجميلة. فلنسرف في الحبّ وفي إشهاره وإعلانه، حتى لو كان ما نتلقّاه في المقابل أقلّ من توقعاتنا، أو أصغر ممّا نطمح للحصول عليه. سيغمرنا ما نمنحه بالسعادة والاكتفاء وسيجعل علاقتنا مع أنفسنا ومع الحياة أكثر سلاماً وبهجة..
احتفلوا بالحبّ، احتفلوا بمن تحبّون ومعهم، احتفلوا بهذه النعمة كلّ يوم بحمايتها من الذبول، احتفلوا بها بفعل كلّ ما يجب للحفاظ عليها.. وتذكّروا دائماً، نحن من نصنع قيمة الأشياء ومعانيها، نحن من نصنع الأعياد وبهجتها، فكيف بالحبّ، اللصيق بأرواحنا، الموصول بنبض قلوبنا، الذي يمنح كل المعاني أجمل المعنى وكلّ الأفراح أعذب الفرحة..