أتذكر اليوم الذي اتخذتُ فيه عهداً على نفسي بأن أعيش "اللحظة" كاملة كما هي، من دون أن يبخس حقها شيء يؤثر على جودتها وعمقها، وكان ذلك بمثابة أول بزوغ فكري لي.
كنت عالقة داخل مشهد يتضمن رائحة خبز محمصٍ وألواناً لأزهار متعددة. كانت تُباع على ناصية الشارع بجانب الصُحف اليومية وصوت (المطر).
المكان؛ مدينة (هايدلبرغ) الألمانية.
الزمان؛ صغيرة في العمر، لكن ليس في الإحساس على ما أعتقد.
ومن يومها ارتبط ذلك المثلث الحيّ (ثلاثي الأبعاد) بذهني، كان كفيلاً بجعلي أعيش تجربة شعور مكتملة، جمعت الكثير والمثير في اللحظة
التي أغمضت عليها عينيّ بشدة، كأنني أبتلعها؛ كي تبقى حاضرة معي، ويمكنني أن أسترجعها.
بهذه الحياة لا تقبل بأقل من ثلاثة أبعاد، فالأقل لن يصف لك الصورة
الصحيحة، ولن يجعلك تشعر بالأعماق. ستظل على هوامش الأمور، ولن تبلغ منتهاها.
ابتعد عن كل ما يُشتت حضورك، ويكون بمثابة عازل لا يَشِف ولا يصف
شعوراً ما.
لا تدع الصورة الحيّة تضيع منك مقابل صورة افتراضية "مُؤرشفة"
يمكنك إيجادها بضغطة زر.
ولا تُقصر بوجودك المباشر؛ لتحرص على أن تكون (أونلاين).
لا تؤجل لحظة مع "عزيز" لك على أرض الواقع لا يمكن إعادتها، لتعيشها ومضة سريعة وباهتة بعالم افتراضي، على الأغلب لن تدوم طويلاً. فتخسر ما لا يعوّض بما يُعوض.
لا تُبالغ بتصوير الواقع فتهرب منك تفاصيله من دون استمتاع، فتجمع صوراً للذكرى، أنت لم تشعر بها.
عِشْهَا (الحياة) كما يجب مع من يجب. لا ترضَ بالقليل ولا "بأضعف
الإيمان" فتعِشْ عمرك ناقصاً.
وإن ساعدك خيالك على أن تعيش اللحظة ببُعدها الرابع وأكثر "لتكون متجليّة لك" فلا تبخل.