سؤال يتبادر إلى ذهن كل أم.. خاصة مع اقتراب دخول الابن سن المراهقة، والمعروف أن الإنسان بفطرته يحاول الوصول إلى القدر المطلوب من الصحة النفسية السليمة، صغيراً كان أو كبيراً، وحاجة المراهق كبيرة للتمتع بهذه الصفة، لضمان النجاح والاستقرار، خاصة مع التطور المعرفي الذي أدّى إلى ارتفاع مستوى طموحات الأفراد وازدياد مجالات التنافس والتفوُّق، والسعي للتقدم وإثبات الذات، ما دفع كثيرين للسعي للوصول للصحة النفسية للابن، والتعرف إلى العوامل المؤثرة فيها، وكيفية المحافظة على استمرارها. اللقاء مع الدكتورة فاطمة الشناوي، محاضرة التنمية البشرية وأستاذة علم النفس؛ للتعريف بدور الوالدين.
أهمية الصحة النفسية.. وتعريفها
- إذا نشأ الطفل وتحلى بالصحة النفسية السليمة؛ فإنّ ذلك ينعكس بشكل واضح على جميع تفاعلاته واستجاباته للمثيرات المختلفة، وطريقة تعامله مع الظروف والحوادث المفاجئة، أو غير المرغوب بها.. وامتد الأمر حتى مرحلة المراهقة.
- الصحة النفسية أو التوافق الذاتي هو حالة من الاستقرار النفسي يشعر بها الطفل ويعيشها وسط أسرته منذ نشأته، على أسس وقواعد التوافق مع الذات والتكيف مع مستواه، وإمكاناته وقدراته وكفاءاته الذاتية، وإدراكه عندما يشبُ، لمواطن القوة ومواطن الضعف التي يتمتع بها.
- وتدعيم الصحة النفسية يكون في إمكانيّة استثمارها والاستفادة منها بأكبر قدر ممكن، ما يحقق الإحساس بالأمان الداخلي للابن المراهق، والرضا عن الذات ومحبّتها، بالإضافة إلى توجيه وضبط الانفعالات والاستجابات في المواقف المختلفة.
- وتعني أيضاً.. التقدير الذاتي المتوازن والتوافق الاجتماعي؛ بمعنى قدرة المراهق على التكيُّف الجيّد مع البيئة الخارجية في جميع المواقف الاجتماعية، المبنيّة على التفاعل مع الآخرين؛ لإقامة العلاقات المختلفة في جميع البيئات الاجتماعية؛ كالأسرة والمدرسة والعمل والجامعة.
علامات الصحة النفسية
- الصحة النفسية تتمثل في استجابة الابن المراهق الاجتماعية ودرجة التكيف والتآلف الإيجابي، بأن يكون الابن راضياً عن أدائه الاجتماعي، ويكون الآخرون من حوله راضين عن التعامل معه؛ من خلال التعاون وتبادل الاحترام والثقة والتسامح والمرونة.
- يتميّز المراهقون المتمتعون بالصحة النفسية بالاتّزان والنضج في الانفعالات؛ الاتزان الانفعالي، والثبوت العاطفي والوجداني، والاستقرار في الميول والاتجاهات الذاتية والاجتماعية، والنضج في الاستجابة للمثيرات المختلفة.
- أن تكون لدى المراهق حالة من التوازن بين شدّة المثير وشدة الاستجابة المترتّبة عليه، بالإضافة إلى القدرة على مواجهة الظروف الحياتية والضغوط المختلفة، وحل المشكلات ومعالجتها بشكل إيجابي وبَنَّاء.
- وكذلك مواجهة الإحباط والأزَمات الحادة بأقلّ قدر من الآثار النفسية السلبية، والقدرة على تحمل المسؤوليات الاجتماعية وتحمّل النتائج المترتبة عن السلوكيات الذاتية المختلفة.
تعرّفي إلى المزيد: أسباب القلق عند المراهقين.. و"12" طريقة للعلاج
النجاح في العمل والسعي للتقدم والارتقاء
- الصحة النفسية التي يزرعها الآباء وأسلوب التربية في نفوس أبنائهم المراهقين تتضح في.. النجاح والتفوق في المجالات المهنية والعملية، ونجاح الابن المراهق في أداء المهام بشكل كامل.
- كما أنّ تقدير المراهق للمستوى العامّ له في القدرات والكفاءات الشخصية، يُساعده على توظيف مهاراته في مكانها المناسب لتكون أكثر كفاءة وفاعليَّة.
- بالإضافة إلى سّعي المراهق الدائم للارتقاء بالمستوى التعليمي أو الوظيفي، واختيار المكان والدراسة أو المهنة المناسبة، وعدم مقابلة الفشل في جميع المجالات العملية والحياتية بالإحباط والانسحاب، واختيار الأنماط السلوكية المناسبة.
- الإقبال على الحياة وحسن الخلق؛ بأن يكون المراهق مُقبلاً على الحياة، مُحبّاً لها، مستمتعاً بوسائل الراحة والسعادة المتاحة لديه، ويكون إيجابياً في أغلب أحيانه متوقعاً للخير ومتفائلاً به، كما يكون راضياً بكلّ ما هو متاح من قدرات مادية وذاتية واجتماعية.
التفاعل الإيجابي.. والقدرة على التأقلم
- الصحة النفسية هي: أن يتكيف المراهق في مختلف الظروف والمواقف التي من الممكن أن يتعرّض لها بالمنزل أو خارجه، والترحيب بالخبرات والتجارب الجديدة وحبّ الإقدام عليها، بالإضافة إلى تميُّز المراهق بالقدر العالي من حُسن الخلق، والتحلّي بالصفات الحميدة.
- ووفقاً لتعريف منظمة الصحة العالمية؛ فإن الصحة النفسية للمراهق والإنسان عموماً، تعني حالة من التعايش الصحي السليم في جميع النواحي الجسمية والنفسية والاجتماعية والخلو من العجز والمرض النفسي والجسمي.
- ومن الممكن تعريفها أيضاً بأنّها التفاعل الإيجابي السليم مع الذات الداخلية والبيئة الخارجية معاً، وأن تكون هي الحالة السائدة والمستمرّة بقلب وعقل المراهق في أغلب الأحيان، فيسود لديه الشعور بالسعادة الداخلية والخارجية، ويرتفع معدل الإنجاز والطموح، مع حسن الخلق.
تعرّفي إلى المزيد: من المسؤول عن غرور الطفل.. الثقة بالنفس أم تربية الآباء؟
العوامل المؤثرة في الصحة النفسية للمراهق
- تتأثّر الصحة النفسية عند الأفراد منذُ بداية نموّهم الجسمي والنفسي والاجتماعي بالعديد من العوامل البيئيّة الخارجية أو النفسية الداخلية، وأول هذه العوامل: الأسرة.. والتي تُعتبر البيئة الأوليَّة للطفل وأكثرها تأثيراً عليه في الحاضر والمستقبل؛ حيثُ اتّفق العلماء على أنّ السنوات الخمس الأولى من حياة الطفل هي الأساس المُكوّن لشخصيته واتجاهاته، وأنماطه السلوكية والتي ستستمرّ معه في مراحله العمرية المتقدمة. فالتنشئة الأسريّة السويّة تُخرج أطفالاً وأفراداً أسوياء، متوافقين مع أنفسهم ومع من حولهم، متمتعين بالصحة النفسية، أمّا التنشئة الأسريّة غير السليمة فقد ينتج عنها أفراد غير أسوياء، ويعانون من بعض السلوكيات غير التوافقيّة.. مفتقدين الصحة النفسية، ويتصفون بصفات سلبية مثل: الأنانية المفرطة، وعدم تحمل المسؤولية، وغيرهما.
- وثاني العوامل المؤثرة في الصحة النفسية هي المدرسة.. حيث إن عملها توسيع ما اكتسبه الطفل بالمنزل؛ بطريقة مُنظّمة ومدروسة، في المدرسة يتفاعل الطفل مع أصدقائه ومعلميه، علاقة تؤثّر بدورها سلباً وإيجاباً على الصحة النفسية... والمعروف أن البيئة المدرسية تتّسم بالانضباط والنظام، مع الحرية والديمقراطية، ما ينشئ فرداً مدعّماً بالصحة النفسية السليمة، أكثر من الفرد الذي ينشأ في بيئة مدرسية تتّسم بالفوضى وعدم الانضباط والاحترام.
تعرّفي إلى المزيد: علامات الطفل المبدع