عزيزي العيد..
كل مرة نحن بخير في ظل وجودك، لطيف أنت في حضورك، رائحتك تشبه أول أمطار الشتاء، فرحتنا بك تعيدنا أطفالاً صغاراً لا نفكر في الغد أكثر من اللازم، وكل أفكارنا عنه تتلخص في طموحاتنا البريئة الكبيرة والتي نعبر عنها بماذا سنصبح؟!
نرسم للمهن التي سنمتهنها أشكالاً وصفات وملامح، نتخيل شكل أجسادنا، وكم من السنتيمترات سنزيد، شكل الرداء الأبيض الذي نرتديه وعلى آذاننا سماعة الطبيب الفضية، أو نتصور أيادينا وهي تحمل قلم السبورة التي نكتب بها ونشرح لتلاميذنا.
كانت كل أحلامنا مشرقة، كانت قدرتنا على التخيل أكبر، كنا نتقبل كل ما هو جديد دون الرجوع للماضي، وندافع عن رغباتنا بكل الأسلحة، كنا يا عيدُ أحراراً رغم أننا عشنا تحت سلطة تمنعها من كل شيء تقريباً..
ترى ما هو السبب؟! هل لأن أحلامنا كانت حرة أكثر من الآن؟! فلا الواقع يقيدها ولا الظروف تحجبها؟!
أتدري..
لا رغبة لي في أن أعود صغيرة، فقط أريد أن أكتسب من صفاتك، كـاحترامك للمواعيد، فنحن لم نسمع عنك ولو لمرة واحدة أنك تأخرت، أو اعتذرت عن موعدك، أو حتى أخلفت وعداً قطعته!
طاقتك الجميلة لا تتأثر بمن هم حولك أو من تزورهم، فأنت من تطغى على كل شيء، وتنشر ضحكات كثيرة، وتهدينا أوراقاً بيضاء نفرغ بها مهامنا لنتفرغ لك.. قدراتك يا عيدي خارقة في إسعادنا جميعاً، مهما كانت الأفكار تشوشنا أو تضعفنا، ومهما كانت عنيدة وترفض الرحيل.
وحدك من تجبرنا على السهر بلهفة، وإن أتيت حملت لنا معك قرار إيقاف وتأجيل، لا يُراجع من أحد، ولا يرفض لأي سبب. تحبنا بلا أسباب، ولا تنتظر مقابلاً من أحد، لا تخطئ في حق أي منا، وعادلٌ في عطاياك..
أرأيت لماذا نحن بخير في قدومك!.