نشأ محاطاً بالياسمين الدمشقي، ووسط بيئة العاصمة السورية بكل عراقتها وتراثها، ضمن أسرة قدّمت له كل الدعم اللازم ليصبح ما هو عليه اليوم، لا سيما والده، الذي لمس فيه موهبة الرسم في سنّ مبكرة، ولم يتوانَ عن تقديم كل أنواع الدعم الممكنة لتنمية هذه الموهبة، وتحويلها إلى شغف، ومن ثم إلى تميز وإتقان في مهنة تصميم المجوهرات. منذ الصغر، كانت له فرصة الفوز بمسابقات الرسم، وسرعان ما أصبح من بين أفضل ثلاثة طلاب سوريين على مستوى الدولة في هذا المجال. إنه مصمّم المجوهرات صهيب الشيخ، الذي التقته »سيدتي» وكان الحوار الآتي..
كيف كانت انطلاقتك في تصميم المجوهرات؟
في بداية العشرينات من العمر، انتقلت إلى السعودية لأبدأ حياتي المهنية، وكان لي شرف الفوز والحصول على المركز الأول في «مسابقة الإبداع الحر» التي أقيمت في عام 2002، والتي نظمها مجلس الذهب العالمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تم اختيار تصميمي للفوز بالجائزة الكبرى من بين 7000 مصمّم مجوهرات في المنطقة. كما تم تصنيفي في السنة التالية من بين أهمّ 10 مصمّمي مجوهرات ناشئين على مستوى العالم، وذلك في معرض فشنزا للمجوهرات في عام 2003.
كانت تلك انطلاقتي كمصمم مجوهرات، وأتيحت لي الفرصة للعمل في أهم شركات تصميم المجوهرات في الوطن العربي. وتدرّجت سريعاً لأكون رئيساً للمصممين. قدمت خلال تلك السنوات، عشرات الآلاف من التصاميم التي تمّت المشاركة بها في أهمّ معارض المجوهرات العالمية، في بازل وإيطاليا واسطنبول وهونغ كونغ ونيويورك، وجميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
كيف طوّرت مهاراتك المهنيّة؟
تطورت مهاراتي الإدارية والصناعية من خلال بحثي الدائم عن تطوير العمل وابتكار تصاميم ومفاهيم جديدة ومميزة في عالم المجوهرات. وكنت دائم الشغف لأشارك بيدي وأشرف بشكل شخصي على صناعة المجوهرات التي أقوم بتصميمها، لأضمن تقديمها بأفضل جودة وأجمل صورة لعشاق المجوهرات المميزة.
تابعي المزيد: المصممة فاطمة العباس: مجوهراتنا تروي قصصاً لا تُنسى
سحر البندقية
كيف أتتك فكرة إطلاق علامتك الخاصّة؟
أسرت قلبي مدينة البندقية في أولى زياراتي لها، حيث كانت كالسحر الذي ألقي عليّ، بأزقتها وقنواتها المائية التي يمتزج فيها فنّ العمارة الإيطالي بجمال ورونق التراث البيزنطي. فكانت نقطة إطلاق العلامة التجارية «لابيلا» للمجوهرات، تكريماً لجمال تلك المدينة الرائعة، وبما تحويه من قيم الجمال والحب والشغف.
كيف ترى مستقبل موضة المجوهرات مع كلّ المبادرات في عالم الموضة التي أُطلِقت حديثاً؟
كلمة مصمم مجوهرات هي كلمة كبيرة، فالانطباع المأخوذ عن المصمّم هو من يملك موهبة الرسم، ويرسم نماذج وتصاميم للمجوهرات. ولكن عملياً تصميم المجوهرات مِن أكثر المهن تعقيداً، لأنه على المصمم أن يتقن أدواته كي ينجح ويتميّز بمهنته. وهذه الأدوات ليست مجرد قلم وورقة، إنما هي خبرة في عدة مجالات، منها مثلاً، تشكيل المعادن، معرفة أنواع المعادن داخل خليط الذهب نفسه، وانعكاسه على ألوان الذهب الكثيرة، أساليب التشطيب حسب متطلبات كل مجموعة وموضوعها، وعن ماذا تتحدث، والأشغال اليدوية، إضافةً إلى معرفة واسعة بالأحجار الكريمة. كما يجب على المصمم أن يكون مطلعاً على ثقافات قديمة، وواسع الاطلاع على أفكار واتجاهات الموضة ومدارس الفنون ومذاهبها وأنواعها، ليكون قادراً على السير بالتصميم نحو التنفيذ بالشكل الصحيح.
ماذا عن مستقبل الموضة المستدامة؟
الموضة هي توجه عام لصنع مفاهيم الأناقة والجمال، وهي تطوّر صناعات عدة، وإنما تحدّدها تفاصيل عديدة منها التوجه العام، فنحن مثلاً في التسعينيات كنا نعمل على الزخرفة النباتية التي كانت طاغية في تلك الفترة. أرى أنّ الاتجاهات الحديثة هي التجريد، حيث نرى اختزالاً للقطع بشكل ظاهر، فتقتصر على خطوط مستقيمة متقاطعة مثلاً، أو بسيطة سهلة الفهم والشكل.
من هي ملهمتك؟ كيف تحافظ على إلهامك وإبداعك؟
الإلهام قد يرتبط بشخص، فكرة، ثقافة، أو قد يكون مجموعاً تراكمياً من كل ما سبق. والإلهام إذا نسبناه لحالة معينة أو مشاعر خاصة فسيكون آنياً، لأن المشاعر تتغيّر، أما إذا اعتمدنا على الموروث الحضاري، والثراء الفكري، والتأمل بتفاصيل كل ما يدور حولنا من طبيعة، وورود، وصحراء، ومفاهيم، وأفكار خيالية، فهذه المجموعة ستخلق حالة من الإلهام الذي لا ينتهي.
ما هي القصص التي تحاول أن ترويها من خلال تصاميمك؟ ومن أين تستوحي مجموعاتك؟
أنا لا أروي قصصاً، أنا أشكل حالة، أعبر عن حالة بشكل من الأشكال، فالقصة قد تعبر عن شيء حصل وانتهى، كل مجموعة من المجموعات التي قمت بتصميمها كنت أعبر بها عن حالة معينة، فإذا بدأنا بمجموعة جالاسيا، استوحيتها من الفضاء بمجراته ونجومه وأقماره. وشهرزاد مستوحاة من الليالي العربية وقصص ألف ليلة وليلة، بينما أنجلينا تم تصميمها باستيحاء من الأجنحة التي تعني الحرية، كأجنحة الملائكة. بدورها مجموعة فيكتوريا مستوحاة من الجذور الملكية المتأصلة، ولاداليا، مستوحاة من زهرة الأضاليا، رمز الأناقة والالتزام والحب الأبدي. أما دبينو، فهي مجموعة مستوحاة من شجرة الصنوبر الشامخة، عندما تغطيها الثلوج وتتلألأ مثل الألماس، في حين تذبل الكثير من الزهور. فنتاليو التي تدمج جمال ألوان الزجاج المعشّق مع عراقة فن العمارة القوطية، وليلي صمّمت خصيصاً على شكل زهرة الليلي البرية، وسجنتشر المجموعة الفريدة في مجوهرات لابيلا، والتي تمثل كل ما هو جميل ومميز في عالم الأنوثة. أخيراً كوفي، المستوحاة من نبات القهوة بألوانها وحالاتها وأشكالها.
تابعي المزيد: المصممة نوره الشامسي: مجموعتي تكريم لشغف والدي بعالم المجوهرات
خواتم الأظافر
على مصمّم المجوهرات أن يتقن أدواته ليتميّز
علينا تغذية الإلهام في تصميم المجوهرات بالموروث الحضاري والثراء الفكري
فكرة خواتم الأظافر علامة مميزة في لابيلا، حدّثنا أكثر عن هذه المجموعة.
خواتم الأظافر هي حالة استثنائية بكل ما للكلمة من معنى. وفكرة زينة المرأة هي قديمة وتعود لفجر التاريخ، فإذا عدنا للحضارات القديمة نرى أن المرأة كانت تتزين بالمجوهرات منذ ذاك الوقت، وعلى الرغم من وجود ملايين التصاميم من الخواتم حول العالم، إلا أننا نحن من استطعنا أن نضيف قطعة مجوهرات للتزين. هذا الاختراع سيخلد في التاريخ، وبأننا نحن من أنجزناه، وهنا تكن عظمته وأهميته.
وفكرة أن تضيفي قطعة مجوهرات على طرف الأنامل لتزيينها أخذت آلاف التجارب، ومئات التصاميم، وأكتر من 3 سنوات حتى أبصرت النور. كما وتم تسجيل هذا الاختراع في الاتحاد الأوروبي، وتسجيله كبراءة اختراع محفوظة وخاصة بمالك الفكرة، وسجّل في العالم العربي، والآن أصبح صيحة عالمية يقصدها الناس من جميع دول العالم، لأنها فكرة استثنائية.
تتمتع بشهرة واسعة في عالم التصميم ومعايير التصميم العالمية التي تعتمدها وتتبعها، تهتم بالحفاظ على الإرث وتطويره بأناقة راقية. هل تظن أن ذلك من أهم أسباب نجاحك؟
أعتبر أن هذا جزء مهم، فمن ليس لديه تاريخ لا مستقبل له، والإنسان ابن بيئته وثقافته وحضارته والطفولة التي عاشها، ونحن نسيج من هذه التراكمات، وهذا هو الإرث.
ما هو الحجر الكريم المفضل لديك، ولماذا؟
أنا لا أضع نفسي في قالب معين، أنا أنجز حالات، فإذا تحدّثنا عن مجموعة شهرزاد المستوحاة من الحكايات العربية والصحراء، فإننا نتوجه إلى حجر الفيروز واللؤلؤ. أما مجموعة فيكتوريا فتجعلنا نعود إلى زمان هذه الملكة لنرى الألوان السائدة في تلك الفترة، ونختار اللون الأقرب والحجر الأنسب. ولكن إذا كان عليّ الاختيار، فالألماس هو حجري المفضل، علما أنني أنجذب إلى لون الياقوت الأحمر، وللزمرد.
ما هي رسالتك للمرأة العربية؟
رسالتي لها هي ألا تتنازل عن مكتسباتها.
ما هي مشاريعك المستقبلية؟
كل يوم هو منحة من رب العالمين، فهو فرصة يجب أن نستفيد منها بأكبر شكل ممكن. الفنانون أشخاص محظوظون وغير محظوظين في الوقت نفسه، محظوظون لأن لديهم فرصة لترك أعمال خالدة، وغير محظوظين لأن هذه المسؤولية تجعلهم مشغولين دوماً بتقديم ما هو جديد ومميز.
أخبرنا عن أحلامك التي لم تتحقق بعد.
أتمنى أن نكون متواجدين في أهم العواصم في العالم، أحلم ببوتيكات تحمل شعار لابيلا منتشرة في كل مكان، وهذا الحلم هو عمل أجيال وليس جيلاً واحداً. فجميع العلامات التجارية العالمية المشهورة استمرّت خلال عدة أجيال حتى وصلت إلى شكلها الحالي.
كيف يمكن لقراء مجلة «سيدتي» الحصول على تصاميمك ومتابعة جديدك؟
يمكن التعرف على مجموعات لابيلا المميزة، ومشاهدة الذوق والإبداع واللمسة المختلفة في نقاط البيع، وأيضاً متابعة صفحاتنا على الانستغرام labellagioielli@ وموقعنا labellagioielli.com
تابعي المزيد: المصممة هلا الأسمري: مصمّمو المجوهرات العرب يكسرون الحدود لتأثير عالمي