الصّبر مفتاح الفرج مقولةٌ تطرّقت على مسامعنا منذ نعومة أظفارنا مفادها أنّ الإنسان مهما توالت عليه الابتلاءات فإنّ مصيرها الزّوال، فدوام الحال من المُحال ومع الدّعاء والالتزام بالصّبر وتفويض الأمر لله ستشرق شمس الفرج.
تأتي الابتلاءات بمثابة تنظيف للرّوح والعقل حتّى يجلس الإنسان مع نفسه ليراقب أفعاله وأقواله وتصرّفاته فيلتزم الصّمت مع نفسه ومن حوله الّذي يتطوّر لإنصاتٍ، فيجعل أفكاره بأفضل درجاتها، يُنصت إلى داخله وإلى الأفكار الّتي تدور في رأسه، يرى الحوادث من جميع جهاتها وبجميع حالاتها ويختار أفضل الحلول، علماً أنّ التّوكّل على الله والثّقة به أكبر الدّوافع الدّاخليّة الّتي تجعل الإنسان متسلّحاً بالصّبر يواجه مصائبه به فيزداد يقظة فكريّة وتفاعليّة مع ما يدور حوله، وبالتّالي يتوقّد ذهنه ويتوقّف عن التّساؤلات الّتي لا تُجدي نفعاً، فيضع النّقاط على الحروف المُبهمة، يرتّب كلماته المبعثرة ليصنع جُمُله المفيدة الّتي تنتشله من واقعه السّيّء المليء بالمشكلات والسّلبيّة إلى أرض مليئة بالثّبات والإرادة والعزيمة، والصّبر هو سيّد كلّ هؤلاء، يقول الله تعالى في كتابه العزيز: "فصبرٌ جميل".
لولا أهمية الصّبر وفائدته لما وصفه ربّ السماوات بالجمال، الصّبر على المرض، الشّدّة، الفقر، الأذى، والصّبر على كل أشكال النّوائب الّتي تعترض طريق البشريّة لتعلَم أنّ الابتلاءات هي امتحان واختبار من الله، وقد تكون دليلاً على محبّته لعباده، إذ تكون تكفيراً لذنوب دنيوية أو أنّها حسنات. إنّ أكثر النّاس ابتلاءً هم الأنبياء صفوة البشريّة ما يدلّ على أنّ الابتلاء دليل على محبّة الله لعباده، فإذا أحبّ الله عبداً ابتلاه، فهو من يعلم ما يجول في خواطرهم وما يمرّون به من اكتئابٍ وضيق وكآبة، فجعل الصّبر السّبيل الوحيد للخروج من ذلك، ولأنّ نهاية الصّبر نهاية جميلة مُفرحة للقلوب، جابرة للخواطر علينا أن نتجمّل به على كلّ ما يعترضنا في مسيرة حياتنا وما بعد الصّبر إلّا الفرج من ربّ عظيم، فصبرٌ جميلٌ.