الإنسان مزيج من القوّة والضّعف، يعتريه الحزن تارةً والفرح تارةً أخرى، يضعف حيناً ثم يستعيد قوّته حيناً آخر، هو كالبحر بين مدٍّ وجذرٍ، ذلك أنّ الحياة ليست على استقامة واحدة ولا عجب في ذلك.
لقد خُلق الإنسان ضعيفاً، وهذا الضّعف من الفطرة ليشعرَ بعبوديّته لله تعالى، فالإنسان أضعف ممّا يتخيّل نفسه، ومتى استوعب هذا الضّعف وتيقّن أنّ قوّته يستمدّها من عبوديّته لله تعالى، وأدرك نقاط ضعفه، أصبح قويّاً واستطاع التّوفيق بين ضعفه وقوّته، وأنّه الكائن القويّ الّذي خلقه الله على هذه الأرض وكرّمه على جميع خلقه، وأعاد الثّبات والعزيمة لداخله، وبالتّالي مواجهة مصاعب الحياة الّتي تعترضه.
لو نظرنا إلى داخل كلّ فرد منّا لوجدنا مجموعة من نقاط القوّة يقابلها نقاط ضعف، والإنسان عندما يتعرّض لمصيبة ما يتسلّل الحزن إلى قلبه ويرتسم البؤس على ملامح وجهه، لكنّه عندما يتذكّر أنّ هذا الابتلاء مكتوبٌ في السّماء عند خالق البريّة، سيجمع قواه من جديد ويستعيد طاقته، مدركاً أنّ الله تعالى لا يأتي إلّا بالخير.
كثيراً ما يحدّث الإنسان نفسه ويُجري حواراً داخليّاً بين نفسه الضّعيفة ونفسه القويّة، ويبدأ التّصارع الدّاخليّ (أنا قويّ، أنا ضعيف)، وللمصادفة رأيت لوحةً تضمّ رجلاً وامرأة غير واضحي المعالم، إنّما هيئة الرسم دلّت على كلٍّ منهما، الرّجل يضع يده على رأس المرأة وكأنّه يهدّئ من روعها وهي تضع يدها على وجهها ،وقد كُتب تحت رسمة الرّجل: أنتِ قويّة وتستطيعين تجاوز كلّ المحن كما فعلتِ سابقاً، بينما كُتب تحت رسمة الأنثى: أنا ضعيفة وغير قويّة، وأيضاً كُتب تحت كلّ منهما كلمة (أنا)، وهذا ما يُترجم على أنّ النّفس تحدّث ذاتها، وتتّهمها بالضّعف تارة، ولا تلبث أن تردّ عليها وتصفها بالقوّة وباستطاعتك تجاوز المحن والصّعوبات، كذلك تدلّ اللّوحة أنّ الرّجل هو الأمان والحماية للمرأة، تلك الكائن الضّعيف داخله إنسانٌ قويّ جبّار على الرغم من كل ما يعتريه من ضعف.
ما نستخلصه من هذه اللّوحة أنّ الإنسان سواء أكان ذكراً أم أنثى فإنّه يخبّئ في داخله جانبين، أحدهما قويّ والآخر ضعيف، فالرّجل رغم قوّته وصلابته قد يضعف نتيجة مرضٍ أو التّعرّض لمشكلة معيّنة، وكذلك المرأة رغم ضعفها قد تضعف أكثر وأكثر، لذا قال النّبيّ الكريم : (رفقاً بالقوارير).
على المرأة أن تمتلك قوّة الرّجال إلى جانب أنوثتها الجميلة الرّقيقة، وكذلك الرّجل رغم قوّته يمتلك لين القلب، فالتّوازن الدّاخليّ بين القوّة والضّعف أمر في غاية الأهمّيّة، وعلى الإنسان تقبّل ذاته في جميع مراحل ضعفها وقوّتها، فالتّوازن سيّد المواقف.