البدايات الجميلة في العلاقات ليست كلّ شيء، فالجمال يكمن في استمراريّتها والمحافظة على روعتها، لذا نجد الكثيرين في بداية علاقاتهم العاطفيّة يخلطون بين الحبّ والحماسة، معتقدين أنّهم يعيشون قصّة حبّ جميلة ولكنّهم سرعان ما يكتشفون حقيقة أوراقها، فتتناثر حروفها ويبدأ وابل الأسئلة يخترق العقل، لِمَ لَم يعُد يحبني أو يهتمّ بي؟ وغيرها من الهواجس، وحقيقة الأمر أنّ بداية العلاقة لا تكون حبّاً، إنّما إعجاب من قِبَل أحد الطّرفين، وقد يبادله الطّرف الآخر هذا الإعجاب أو لا يكترث لذلك، وفي حال القبول من الطّرفين نجد أنّ أولى مراحل هذه الخطوة، مليئة بالكلام المعسول لا يشوبه شيء، ويندفع كلّ من الطّرفين بقلبه مغلقاً باب عقله عن التّفكير، ليجد بعد فترة من الزّمن أنّ الآخر تغيّر نحوه ولم يعُد كما كان في السّابق، فالكلام والمحادثات أصبحت قليلة والاتّصال والاطمئنان كذلك، وكأنه يصنع سبباً للخروج من هذه العلاقة مختلقاً أعذاراً واهية، وهذا ما يسمّى بالحماسة، فهو بدايةٌ لعلاقة مؤقّتة، أمّا الحبّ فهو أفعال وليست أقوال، المحبّ يرى سيّئات محبِّه ويتقبّلها بصدرٍ رحِب، ويجعل من الإيجابيّات باقة عطرٍ يفوح شذاها في كلّ مكان.
الحبّ ليس كلمةً تُقال، إنّما اجتماع عدّة أمورٍ مع بعضها البعض، أهمّها الاهتمام والأفعال والاستمراريّة، فالاهتمام إن لم يُترجم بأفعال لن تستمر العلاقة. البعض يسيّر حياته الزّوجيّة وعلاقاته وحتّى فترة الخطوبة وفق مزاجه المتقلّب، فإن كان سيّء المزاج لا يتواصل مع خطيبته لمدّة قد تصل عدّة أيّام مثلاً، أو قد يكونا زوجين في المنزلنفسه كلّ منهما يتعامل مع الآخر بنفسيّة متكبّرة، ولا مكان للحبّ هنا، فالحبّ والشّغف بالمحبوب يجمّل العلاقات ويمنحها نجاحاً واستمراراً للمحافظة على الحياة وعبيرها، فالحبّ القويّ لا بدّ من تغذيته بشكلٍ دائم حتّى لا يُصاب بالفتور وعدم الاهتمام.
نستنتج أنّ الحبّ يبدأ حين تنتهي الحماسة، كما أنّ لهفة البدايات ليست حبّاً، ذلك أنّ الإنسان لا يحبّ بيومٍ أو ليلةٍ أو أسبوع، بل يتعرّف إلى المحبوب ويدخل عقله وقلبه ويفهم تفاصيله الصّغيرة والكبيرة، ويرى سلبيّاته ويستمرّ في حبّه، كالبحر غلى الرغم من خطورته يحبّه البعض، لأنهم غاصوا في أعماقه وشاهدوا مكنوناته وما يخبّئ داخله، فكن محبّاً شغوفاً متحدّياً المشاكل والصّعوبات، لتثبت لمن تحبّه أنّه الأول لديك ومن أولويّاتك الأساسيّة، فالحبّ حماسة متّصفة بالاستمراريّة.