جرح الأم هو مصطلح ليس متداولاً بشكل كبير، وفي أكثر الأحيان لا أحد يسمعه في جلسة نفسية أو تشخيص من طبيب نفسي، لكنه عامل مؤثر في التفاعل والعلاقة بأنفسنا وبالآخرين. ويشير المصطلح إلى الأم الحاضرة جسدياً في حياة طفلتها، وفي أغلب الأحيان تكون الابنة هي المتأثرة الكبرى أو طفلها، وغائبة عاطفياً، أو تُلقي بمشاكلها النفسية على كاهل الأطفال وتحاول قمع تصرفاتهم من أجل تحقيق التناغم الذي تتصوره مع المجتمع وتقاليده؛ حيث إن المجتمعات الأبوية تجعل النساء أكثر عرضة لنقل المعتقدات المقيدة للمرأة بوعي أو بغير وعي إلى بناتهن، وكبت رغباتهن، وقد تجد الفتيات أنفسهن عالقات في معضلة إما تقبل ما تؤمن به الأم حتى تكون في القارب نفسه وتستمر في محبة أولادها، أو تناضل في الاتجاه المخالف ويخسر الأولاد الأم.
يمكن أن يعاني الأولاد والبنات من جرح الأم، وهو ليس تشخيصاً نفسياً محدداً، على الرغم من أنه يمكن أن يكون مؤلماً للغاية. لكن، في أغلب الحالات، يظهر أثره على البنات خصوصاً. وتوضح نظرية التعلق الخاصة بعالمة النفس ماري أينسوورث، أن الثقة التي تغرسها الأم في الطفولة تؤثر إيجابياً ليس فقط في حاضر الطفل، ولكن أيضاً في علاقاته المستقبلية.
إن الأطفال الإناث عادةً، ولكن في معظم الأحيان الأولاد أيضاً، يعانون من جرح الأم إذا كانت والدتهم لا تظهر الاستحسان لتصرفاتهم، ولا تقدم الدعم المعنوي مطلقاً. تلقي الأم اللوم على أولادها في أية مشاكل واجهتها أو أية تضحيات قامت بها من أجلهم. لا تتقبل الأخطاء، وتشعرهم بأنه من واجبهم خدمتها ورعايتها. تبحث عن المثالية، وترغب في أن يقوم أولادها بتطبيق أفكارها وتصوّراتها. تُفرق في معاملة الأبناء، وتنحاز إلى المتميّز منهم على حساب الآخرين. مشغولة وغير متواجدة في حياة أطفالها بشكل كافٍ عاطفياً.
الشفاء من جرح الأم هو توازن بين الاعتراف بالمشاعر السلبية، مثل الغضب والحزن، والاعتراف بأن الفرد يحتاج إلى مسامحة الأم. هناك بعض الخطوات التي تساعد على التئام جرح الأم، كالتعبير عن الألم، وخاصة ما يشعر به الفرد في مرحلة الطفولة، كالتنمر والسخرية، أو أي ما كان، ويمكن للفرد استشارة طبيب نفسي أو استخدام الكتابة.
يجب أن يعلم الأولاد الحقيقة أن الوالدة لم تكن قادرة على بناء صورة أولادها الذاتية بإيجابية، لذلك من المهم ترك تلك الصورة والتخلي عنها، ومحاولة استبدالها بأخرى أكثر احتراماً وتقديراً.
الاعتراف بالمشاعر يخلق مساحة من التحرر يمكنها أن توصلكِ إلى التقبل والتسامح، والوصول إلى شكل جيد في علاقتكِ بوالدتكِ. طلب المساعدة في بعض الحالات يكون تأثيره أعمق في تفاعلات الأشخاص مع الآخرين، وفي تواصلهم مع أنفسهم، ونظرتهم إلى ذواتهم.
إن جرح الأم هو جرح في الحياة نفسها، وهو بمنزلة حجاب بينكِ وبين الحياة. في الأيام الأولى من حياتنا كانت تجربتنا مع أمهاتنا مرادفة للحياة نفسها. فهي بالنسبة إلى الرضيع الغذاء، والهواء، والحياة. ولن تختبر الشفاء الدائم حتى تعالج جرح الأم، من خلال معرفة جذور أسباب المعاناة الداخلية، وهي الأنماط الأساسية التي تمّ وضعها في الأيام الأولى من حياتكِ، وتحزن على المواقف التي تسببت في استيعابكِ لها.
يعدّ جرح الأم نقطة وصول فعّالة بشكل خاص إلى الحقيقة العميقة التي ستحرركِ لتعيش بوصفك كائناً حراًّ ومتصالحاً مع نفسه.