الغربة عن الذات أصعب إحساس يمكن أن يشعر به الإنسان. حينما نعيش غرباء عن أنفسنا نفتقد السلام الداخلي، والطمأنينة التي تمنحنا الأمان. تشغلنا الحياة بإيقاعها السريع، وتلهينا بفلاشاتها السريعة، وأرقامها المغرية. نعتقد لوهلة أن الحياة هي كم نستطيع أن نحقق، وليس كيف نعيشها. تصبح الصورة عندنا ناقصة، والمعادلة غير مكتملة.
التصالح مع الذات يقودنا للتعرف إلى أنفسنا. نحتاج أن نجدد علاقتنا مع ذواتنا. وهناك محطات في حياتنا لابد أن نتوقف عندها للتحاور مع أنفسنا ولمراجعة مسارنا. من المهم أن نطرح على أنفسنا أسئلة عن حياتنا تبدو بديهية، لكنها ربما تجعلنا نرى أشياء لم تكن في مخيلتنا. ومن المهم أيضاً أن نفكر كيف يمكن لنا أن نسعد من حولنا، ونهتم بمن نحب. كل النجاحات في العالم من دون مشاركة الآخرين هباء منثور، وجهد ضائع.
المصارحة مع الذات، والوضوح في الرؤية، يجعلان الإنسان أكثر استقراراً وثقة في النفس. عندما يتجاوز الإنسان إشكالية المظاهر والتزاماتها، يفتح أمامه بوابات السعادة. حين نتعامل مع الحياة بواقعية، ونعطي الآخرين مساحة من الاستيعابية والتسامح فإننا نكون أكثر اقتراباً من أنفسنا وحقيقة معدننا. أقصى لحظات الامتزاج مع الذات هي لحظة العطاء.
نحن في نهاية المطاف ما نؤمن به من قيم. ومتى تمسك الشخص بالقيم التي يؤمن بها تصبح الأخطاء مجرد عثرات بسيطة، سرعان ما يعود بعدها إلى جادة الصواب. كلنا نخطئ ولدينا هفوات. لكن الخير الموجود في داخلنا يقودنا إلى المسارات الصحيحة.
إذا استطعنا أن نكون أنفسنا بكل ما فيها من صفات. وحاولنا أن نمد الجسور ولغة التواصل مع ذواتنا أولاً، ومع الآخرين، فإننا سوف ننتقل إلى أحاسيس جديدة، وسنخرج من المساحات الضيقة إلى فضاء واسع، عنوانه الأمان ولغته الحب
اليوم الثامن:
غربة الأوطان قاسية
تنتهي بقرار العودة للمكان
لكن غربة الذات صعبة
تحتاج إلى جهد وإصرار