تقف مُصمّمتان أردنيتان، هما: فرح حجازي وعلا بدران، من شركة Beanstalk في عمّان، خلف تصميم ديكور حفل الحناء للأميرة رجوة الحسين، الذي أقامته الملكة رانيا العبدالله في مضارب بني هاشم، بالعاصمة الأردنية، بمشاركة عدد من أميرات العائلة الملكية، وما يقارب 600 مدعوة. حرصت المصممتان، سواء في تصميم الديكورات أو في تنظيم فقرات الحفل على عكس التراث الأردني، بتوجيه من مكتب الملكة رانية العبدالله. عن تفاصيل الحفل، تتحدث المصممة فرح حجازي لـ"سيدتي"، لافتة إلى أنه "إذا تبنى المصمم واستوحى تصاميمه من العناصر التراثية، فإنه بلا شك يمكن لأي شخص مضطلع على الأمر أن يميز منشأ وبلد التصميم من دون الحاجة للشرح عن تفاصيل صنيعه".
في الآتي، نص الحوار الحصري لـ"سيدتي. نت"، مع المصممة فرح حجازي.
حدّثينا عن تقاليد ليلة الحناء في الأردن؟
تعدّ ليلة الحناء من التقاليد الاحتفالية الأردنية، هي تُقام قبيل الزفاف، وتحضرها نساء من عائلتي العروسين والصديقات المُقرّبات. للمناسبة، يتزيّن المنزل بالأزهار الملوّنة والشموع. في التفاصيل، تقوم السيدات في الحفل من كلا العائلتين بإحياء الليلة بغناء الأغاني والأهازيج والرقص الشعبي. تبدأ طقوس الحفل بدخول والدة العريس، مُحمّلةً بطبق من الحناء مُزيّناً بالزهور والشموع، وتتجه نحو العروس، فيما يلتف أفراد عائلة العريس حولها، وهن يرقصن ويتناقلن طبق الحناء على رؤوسهن. أفراد عائلة العروس وصديقاتها يتحلّقن حولها أيضًا، لتزيين يديها وقدميها بزخارف الحناء، علمًا أنه تُستخدم الحناء غامقة اللون دلالةً على ازدياد الود والحب في الزواج. بعد رسم الحناء، تحمل العروس قطعة من الحلوى، للدلالة على زواج تملؤه الأيام الجميلة.
في نهاية الحفل، تُقدّم العروس للضيوف التوزيعات، وهذه الأخيرة عبارة عن أكياس مليئة بالحلوى والشوكولاتة أو الهدايا التذكارية الرمزية. لناحية المدعوات إلى ليلة الحناء، هن يهدين العروس بعض لوازم حفل الزفاف.
كيف جمعتما بين التراث الأردني والطابع الملكي، في "ثيم" الحفل؟
منذ بداية العمل؛ كانت هناك رؤية واضحة من العائلة المالكة ورغبة في أن تكون الأنشطة والفعاليات الاحتفالية بزواج ولي العهد الأمير الحسين مرتبطة بعاداتنا وموروثاتنا الأردنية، والتي هي امتداد للتراث والثقافة العربية والإسلامية.
كان مكتب الملكة رانيا العبدالله يُتابع تفاصيل حفل الحناء، فكان واجباً علينا فهم المتطلبات جيداً لإظهارها وتقديم الحفل بصورة عصرية، مع الحفاظ في الوقت نفسه على الطابع التراثي، عن طريق بساطة التصميم وأناقته. نسقنا عملنا لليلة الحناء مع مكتب الملكة رانيا، مع وضع الثقافة الأردنية وبرتوكولات العائلة المالكة نصب أعيننا، كما ركّزنا على المواءمة بين التصاميم وفقرات الترفيه والتفاصيل كاملةً لإضافة لمسة عصرية. من الأمثلة على ذلك، اختيار الأغاني الأردنية التقليدية، فيما الطابع العصري ظهر من خلال ملابس فنّاني الأداء، مع اختيار ألوان ذات طابع هادئ للدمج بين الجمالية التقليدية الملونة وبين البروتوكول الملكي.
ما هي المواد من طبيعة الأردن التي كانت حاضرة في ديكور المكان أو الزينة؟
الزخارف والتصاميم التي وُظّفت في ساحة العرض والجدران وطاولات العشاء مستوحاة من الثقافة والتراث الأردني الغني بالتنوع العائد إلى تضاريس المملكة، من بوادي وقرى ومدن. الجدير بالذكر هو تكبير الزخارف الموظّفة في التصميم، باستخدام تقنيات معمارية حديثة، لتوحي بشكل المكان ذي الثماني أضلاع، مع تحديد اتجاهات الجدران بعد ذلك والأربع مستويات وشكل المسرح المثلث وتنسيق الأثاث لتتناسب جميعها وتتحاذى مع الخطوط الرئيسية المنبثقة من الشكل الأساس للمكان.
الفكرة العامة للتصميم مستوحاة من أنماط الخيم البدوية
الفكرة العامة للتصميم مستوحاة من أنماط الخيم البدوية التي استخدمت بأسلوب تجريدي على الجدران، وذلك لإضافة طابع عصري على التصميم، مع حضور الحبال، وذلك في مُحاكاة نسيج الخيم والحبال المستخدمة في تثبيتها. أما الأعمدة المنقوشة في المداخل ومواقع أخرى مستوحاة من الخرز والمجوهرات البدوية. كذا الأمر، لناحية تفاصيل الأثاث التقليدي. أضفنا مفارش من القش كانت تستخدم قديماً للجلوس، مع توظيفها في سياق حديث، واختيار ألوان محددة لها بالتناسب مع التصاميم العصرية.
أضيفي إلى ذلك، استوحينا تصميم السقف من أساليب التظليل، مع التنفيذ باستخدام عصي الخيزران وسنابل القمح. كما وزعنا الأعشاب البرية المجففة، في إطار تزيين السلال وقواعد الفوانيس المنتشرة في المكان وأسفل الطاولات لدمج الحياة البرية الغنية في الأردن بموقع الحدث.
تصميم السقف استوحي من أساليب التظليل مع التنفيذ باستخدام عصي الخيزران وسنابل القمح
إلى ذلك، كان الفخار والنحاس، من المواد الحاضرة في إطار الأواني المُحمّلة بالنباتات والأشجار لإضفاء لمسة طبيعية على المكان، كما في الزينة الأساسية العائدة للطاولات، حيث أن هذه العناصر كانت مستخدمة بشكل رئيس في العصر النبطي في الأردن.
ولم تغب نافورة المياه الحجرية التي كانت منتشرة في العديد من المنازل في الأردن قديماً، وذلك كقطعة وسطية (سنتربيس) كبيرة على طاولة العائلة المالكة، مع ملء النافورة بالماء والزهور والشموع العائمة المستوحاة من تزيين ليالي الحناء.
ماذا عن الألوان في المناسبة؟
من أجل إضفاء لمسة من الحداثة تزيد من جمالية الحفل، بشكل عام، حدّدنا مجموعة من الألوان الرئيسة للتصميم، لنُظهر من خلالها جمال الخامات البدوية الملونة ورقي المظهر الملكي، فوقع الاختيار على درجات الألوان المحايدة المنتشرة في برية الأردن، مع إضافة درجات من الأحمر والأزرق والأسود والأبيض الموجودة في المنسوجات البدوية.
الأنسجة المستخدمة بدوية الطابع؟
تقنية النسيج هي جزء من الفن الأردني الشعبي؛ كانت طالتها تطورات مع مرور الزمن. لذا، استخدمنا النسيج التقليدي، في العديد من التفاصيل، منها: تزيين السلال وخواتم المناديل وأطباق الزينة على طاولة العائلة المالكة. الأطباق الأخرى مصنوعة من مفارش منسوجة من القش، تعلوها أطباق معدنية مطروقة للتأكيد على أصالة التفاصيل. أما الأشجار والنباتات التي كانت حاضرة، تعكس المناظر الطبيعية في الأردن.
القطع الوسطية على طاولات الضيفات (سنتربيس) كانت عبارة عن مزيج من تنسيقات زهور الحناء الاحتفالية التقليدية والأعشاب الأردنية المجففة (أعواد القرفة والزهور المجففة واليانسون والنباتات التي تشتهر زراعتها في الأردن)، وذلك لتحقيق التباين بين الأزهار الناعمة والنباتات الجافة. الجدير بالذكر أن القطع الوسطية في الردهة كانت أكثر تقليدية، بينما في منطقة العشاء كان تنسيق الأزهار مبسطاً، حيث عرضت الأزهار على قواعد خشبية لتتميز بطريقة بسيطة ومتواضعة.
يمزج الأثاث التصاميم الحديثة المصنوعة من الخشب بالوسائد البدوية المزخرفة. وهو عبارة عن مقاعد منخفضة معدّة خصّيصًا للحفل. الطاولات بدوية تقليدية مصنوعة من صفائح معدنية مطروقة ذات طابع أصيل وقواعد خشبية ذات لون فاتح.
الأثاث يجمع بين التصاميم الحديثة المصنوعة من الخشب والوسائد البدوية المزخرفة
إلى أي قدر يستطيع "الديزاين" في مناسبات مماثلة أن يُعبّر عن تراث البلد؟
جزء كبير من عناصر التراث هو مرئي ومسموع، ليميزه الإنسان بشكل واضح، سواء تعلّق الأمر بالألوان والأشكال التقليدية وطرق التصنيع للأدوات والنسيج والأثاث والحلي والأغاني والأهازيج... فإذا تبنى المصمّم واستوحى تصاميمه من هذه العناصر التراثية، فإنه بلا شك يمكن لأي شخص مضطلع على الأمر أن يميز منشأ وبلد التصميم من دون الحاجة للشرح عنه.