المخاوف بمنزلة أقفاص، تسجن البشر، وتعيق خطواتهم إلى الأمام، وتجعل أيامهم تمضي هباءً. هي مشاعر سلبية، تولّدها مسبّبات موضوعية، مثل: الأخطار والتهديدات، علماً أن المسببات تتطور مع تطور العصور، فما كان يخيف الإنسان القديم يختلف عمّا يخشاه الإنسان المعاصر. صحيح أن بعض الدول الحديثة، مع كل ما قدمته وتقدمه من أمان ورخاء، ساعدت على درء بعض المخاوف، لكن سرعان ما ظهرت أخرى جديدة. وإضافة إلى المخاوف من الأخطار الحقيقية، ثمة طائفة من الناس دون أخرى، تعيش الرهاب؛ أي المخاوف غير المنطقية التي تتسبب بقلق غير واقعي ومستمر. في هذا الإطار، يضيء تحقيق «سيدتي» على أنواع جديدة من الرهاب غير مميتة، مدفوعة بالتطور التكنولوجي ووسائل التواصل.
أشرفت على التحقيق وشاركت فيه | نسرين حمود Nisrine Hammoud
بيروت | عفت شهاب الدين Ifate Shehabdine وماغي شمّا Maguy Chamma
تصوير | محمد رحمة Mohamad Rahme
الرباط | سميرة مغداد Samira Maghdad
الرياض | محمود الديب Mahmoud AlDeep
بعد أن أصبحت الهواتف الذكية وأدوات التكنولوجيا الجديدة بأنواعها من أساسيات الحياة، ومع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي وتغلغلها في حياة العامّة والروتين اليومي، ظهرت أنواع جديدة من الرهاب. الجدير بالذكر أن هناك أكثر من 40 نوعاً من الفوبيا، وأن النساء أكثر تأثراً من الفوبيا مقارنة بالرجال، وأن للعامل الجيني تأثير في الإصابة.
الخوف غير العقلاني
عن تعريف الرهاب أو «الفوبيا»، تقول د. آية الشعرة، الاختصاصية في الطب العقلي والنفسي، إن «المصطلح يُستخدم في وصف الخوف الشديد وغير العقلاني من شيء أو موقف أو نشاط مُعيّن. هو اضطراب من اضطرابات القلق يُعرف بالاستجابة المفرطة والمستمرة لخوف ما؛ الأمر الذي يتسبب بإعاقة مسار حياة الشخص اليومية». وتضيف أن «الفوبيا المرضية تتأكد بالتشخيص، وذلك عندما لا تكون الحالة عابرة وتستمر لستة أشهر على الأقل». تتابع الاختصاصية الشروح عن «الفوبيا»، فتوضّح أن «الاضطراب المذكور يتخذ أشكالاً عدة، لكن التصنيف العام يُرجعها إلى فئتين رئيسيتين، هما:
- الرهاب المُحدّد: أي المخاوف الشديدة التي تتعلق بأشياء أو مواقف معينة، مثل: الثعابين والارتفاعات أو المنحدرات والطائرات أو الأماكن المغلقة، وما إلى ذلك.
- الرهاب الاجتماعي: أي المخاوف الشديدة التي تتعلق بالمواقف الاجتماعية، مثل: الخشية من التحدث في الأماكن العامة، والتعرف إلى أشخاص جدد، وتناول الطعام في الأماكن العامة، وما إلى ذلك».
تلفت الاختصاصية إلى أن الطبيب النفسي أو الاختصاصي في علم النفس الإكلينيكي يُشخّص «الفوبيا»، التي تُعالج عبر العلاج السلوكي المعرفيCBT، الذي يساعد المصاب على مواجهة مخاوفه، بصورة تدريجيّة وتغيير نمط تفكيره القلق. إضافة إلى العلاج السلوكي المعرفي، هناك العلاج بوساطة العقاقير، التي تشتمل على: مضادات الاكتئاب والقلق.
د. آية الشعرة: الفوبيا المرضية تتأكد بالتشخيص، وذلك عندما لا تكون الحالة عابرة وتستمر لستة أشهر على الأقل
تطوّر «الفوبيا» في المجتمعات
طالما كان هناك خوف من الظلام أو بعض الحيوانات أو البرق، ما يلبث أن يتحول إلى «فوبيا» بسبب بعض الأمراض العقلية والهشاشة النفسية. في هذا الإطار، تسترجع الاختصاصية الشعرة فترات زمنية سابقة، فتقول إن «الفوبيا اضطراب رافق الإنسان منذ أن خلق الله الأرض والطبيعة؛ ففي المجتمعات القديمة، كانت «الفوبيا» تُعامل على نحو مختلف، وترتبط بالأساطير والخرافات والمعتقدات الروحية». تُبيّن أمثلة عدة على رهاب المياه (الهيدرفوبيا)؛ إذ كان البعض من السلف يعتقد أن الأرواح الشريرة تسكن المياه. بالتالي، كانت هناك مخاوف من السباحة أو الاقتراب من المياه. أضف إلى ذلك، كان يُعتقد أن رهاب الارتفاعات (الأكروفوبيا) يرجع إلى أن الأرواح الشريرة تتربص بالأماكن المرتفعة. بالتالي، كان ينتاب البعض الخوف من الصعود إلى الجبال أو المرتفعات. وكذا، رهاب الأماكن الضيقة (الكلاوستروفوبيا)؛ إذ كان يُعتقد أن الأماكن الضيقة تحتوي على أرواح شريرة، أو قد تكون موطناً للشياطين، لذلك كان الخوف من الأماكن الضيقة مُسيطراً. أما رهاب الظلام (النيكتوفوبيا)، فهو ناتج من اعتقاد البعض أن الظلام مليء بالكائنات والأرواح الشريرة، والإنثروبوفوبيا (رهاب الحشرات) ناتج من اعتقاد البعض أن الحشرات تحمل الداء والشر.
في العصور الوسطى، في ظل انتشار الأمراض المعدية والأوبئة، كان الناس يعتقدون أن الأمراض تنتقل عن طريق الهواء أو اللمس، والخوف من الإصابة بالأمراض وانتشارها على أشدّه. تعاملت المجتمعات في العصور الوسطى مع «الفوبيا» بالطقوس الدينية للحماية والشفاء. كما استخدمت العلاجات العشبية في المواجهة.
في العصر الحديث، شهدت «الفوبيا» تطوراً كبيراً في التعامل والفهم، مع زيادة التوعية بالاضطراب، وتعريف الناس بأنواعه وعوارضه، عبر محاضرات وورش عمل ومواد منشورة عبر شبكة الإنترنت.
من جهة أخرى، هناك تقدّم في مجال العلاجات المتاحة، كما أسلفنا. كما يُفيد العديد من الأشخاص من التكنولوجيا للتعامل مع «الفوبيا»؛ تُقدّم تطبيقات الهواتف الذكية والبرامج التفاعلية عبر الإنترنت والدروس عبر الفيديو الفرصة للأشخاص للتعرف إلى أساليب التخلص من الرهاب وتحسين حالتهم. كما يؤدي الدعم النفسي والمجتمعي دوراً مهمّاً. كما تتوافر خدمات المستشارين النفسيين ومجموعات الدعم للأشخاص المصابين، إلى جانب المجتمعات الرقمية ومنصات التواصل الاجتماعي التي تسمح للأفراد بمشاركة تجاربهم والحصول على الدعم اللازم. وما يزال هناك الكثير من البحث والتطوير في مجال «الفوبيا»؛ إذ يعمل الباحثون على فهم أسبابها، وآلياتها، وتطوير علاجات جديدة وفعالة لمساعدة الأشخاص المصابين بها.
تجزم الاختصاصية أن «التطور يخلق اضطرابات أخرى لدى الأشخاص الذين يعانون من بعض المشكلات على مستوى الصحة النفسية والعقلية لأسباب عدة. ففي العصر الحديث، هناك تحديات جديدة، مثل: الضغوط النفسية الناجمة عن وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الحديثة، والقلق الناجم عن الحياة السريعة والمطالب العالية، التي تؤثر في صحة الفرد ورفاهيته».
الـ«فومو»
في إطار الإضاءة على أنواع جديدة من الرهاب، مدفوعة بالـ«نيوميديا» والـ«سوشيال ميديا»؛ تُعرّف ميسه الحارثي، الاختصاصية في علم النفس الإكلينيكي، رهاب الـ«فومو»، قائلةً إنه «الخوف من فوات الشيء، والرغبة المُلحّة في البقاء على اتصال دائم بما يفعله الآخرون»، مُضيفةً أن «هذه الفكرة أكثر ما تظهر عبر منصات التواصل الاجتماعي». وتوضّح أن «هذا النوع من الرهاب حديث؛ إذ جعل د. دان هيرمان، استراتيجي التسويق، مصطلح الخوف من الضياع (فومو)، يشيع عام 1996؛ قبل ذلك، بدأ علماء النفس في استخدامه، والحديث عن ظاهرةٍ، مع ازدياد استخدام «السوشيال ميديا»، تتعلق بارتباط كثيرين بمنصاتها، إلى حدّ الهوس».
«الفومو»، حسب شروح الاختصاصية، هو تصور الشخص أن الآخرين يتمتعون بمزيد من المرح، أو يعيشون حياة أفضل منه، أو يمرّون بظروف ومواقف أحسن. لدى المُصاب بالـ«فومو» رغبة في أن يكون على اتصالٍ بما يفعله الآخرون، ومقارنة نفسه بهم، ما قد يقود إلى الشعور بتدني تقدير الذات والثقة في النفس، أو يتسبّب أحياناً بالقلق والحزن غير الصحي، أو القصور والتحديات في جوانب حياته الشخصية.
عن طريقة تشخيص الرهاب المذكور، تقول الاختصاصية إن «الأمر يحتاج إلى مُتخصّص». وعن العوارض، تشرح أن «الشخص لا يمكنه تشخيص نفسه بنفسه، لمجرد معرفته بالعوارض، فعملية التشخيص والتقييم تحتاج إلى مُتخصّص أو طبيب نفسي»، مُحدَدة بعض العوارض التي يمكن أن يُلاحظها المُتخصّص أو الطبيب:
- متابعة وسائل التواصل الاجتماعي، بقلق شديد، للتعرف إلى ما يفعله الآخرون.
- الإحساس بمشاعر سلبية عند مقارنة الحياة بما يفعله الآخرون على وسائل التواصل الاجتماعي.
- الشعور بالإرهاق الذهني من وسائل التواصل الاجتماعي.
وتتحدّث الاختصاصيّة عن عوارض أخرى وفق إشارة د. إرين فوجيل، الأستاذة المشاركة في مركز العلوم الصحية بجامعة أوكلاهوما، وهي: المبالغة في الوجود بكل مكانٍ في جميع الأوقات، والانسحاب من الآخرين، والشعور بالتعب الجسدي والحزن (أو القلق أو الاكتئاب)، والصعوبة في التركيز، ومواجهة مشكلة في النوم. وتدعو الحارثي إلى اللجوء إلى المتخصّص النفسي عند التعرّض إلى الضغوط أو المعاناة من مشكلات قد تؤثّر سلباً في الحياة الاجتماعية والعملية والدراسية والصحية للشخص، مع أهمية تلقّي جلسات العلاج عند المتخصص للحصول على الدعم النفسي اللازم، والتقليل من عواض القلق والخوف. عن علاج الـ «فومو»، تلفت الاختصاصية إلى أن «أولى خطوات العلاج تبدأ بالتقييم من المعالج النفسي، علماً أن التقييم يختلف من شخص إلى آخر، وأن العديد من البرامج العلاجية ثبت نجاحها مع الـ«فومو»، منها العلاج المعرفي السلوكي»، مضيفة أن المعالج قد يقرر دمج أكثر من طريقة علاجية ببعضها البعض، بناءً على التقييم، وما يناسب الحالة». تشتمل الطرق المساعدة المريض، التي قد يستخدمها المتخصّص أو المعالج للمساعدة، على:
- ممارسة اليقظة الذهنية، عوضاً عن السعي وراء ما قد يكون مجرد وهم بالسعادة؛ إذ تساعد اليقظة الذهنية على الاستمتاع باللحظة بدلاً من الاندفاع خلالها بحثاً عن الإثارة التالية؛ أي أخذ الوقت الكافي للاستمتاع تماماً بالمتعة الحسية.
- التدرّب على قضاء الوقت الكافي في تناول الطعام أو القيادة أو التحدث أو الانخراط في مهام الحياة اليومية.
- التوجه إلى التجربة، فالتركيز على التجربة، مثل: الشعور بالإنجاز والمغامرة والاتصال والمرح، يساعدنا على النظر إلى ما لدينا وتقديره.
عمّ إذا كان هناك إحصاءات عن المصابين بهذا الرهاب في العالم، تجيب الاختصاصية بالنفي، ولو أن ثمة دراسات تشير إلى أنّه في كلّ الأعمار يمكن تجربة الخوف من فوات الشيء، وأن هناك دراسة منشورة في مجلة Psychiatry Research تكشف عن ارتباط الخوف من فوات الشيء باستخدام الهاتف الذكي، ووسائل التواصل الاجتماعي، أكثر من الارتباط بالعمر والنوع الاجتماعي.
يمكنك الاطلاع على التكنولوجيا.. هل غيّرت علاقة الآباء بالأبناء؟
الـ«نوموفوبيا»
تتحدّث د. كارول سعادة، الاختصاصية في علم النفس والأستاذة الجامعية، بدورها، عن الـ«نوموفوبيا»، قائلة إنه «اضطراب ناتج عن الإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، بصورة يتعرض الفرد للرهاب والخوف الشديد من فقدان هاتفه أو حسابه على أحد المنصات لسبب معين، سواء ضياع الهاتف أو انقطاع شبكة الإنترنت أو نفاذ بطارية الجهاز أو فقدان التواصل لفترة طويلة لظروف السفر، مثلاً». وتضيف أن «عوارض هذا النوع من «الفوبيا» تتشابه مع عوارض الإدمان، ما يؤثر سلباً في جودة نوم الفرد وصحته الجسدية والنفسية وتركيزه وإنتاجيته المهنية أو الأداء الدراسي إذا كان طالباً، بالإضافة إلى عوارض الفصام، فعند حرمان الفرد من التواصل، هو يعاني من عوارض جسدية ونفسية، متل: تشنجات تطال الجسم والمعدة وصداع وتوتر زائد، مع تحريك الأصابع أحياناً كأن المصاب يضغط على لوحة الكتابة على الهاتف أو الكُمبيوتر». يفكر الفرد دائماً، حسب د. سعادة، بطرق وحلول حتى لا يفقد التواصل على المنصات، علماً أن الـ«نوموفوبيا» لا يصيب الجميع بنفس المستويات، وأن هناك أشخاص أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالحالة.
د. كارول سعادة: تتشابه عوارض الـ«نوموفوبيا» مع عوارض الإدمان، ما يؤثر سلباً في جودة نوم الفرد وصحته الجسدية والنفسية وتركيزه
اضطراب تشوه الجسم
هناك اضطراب آخر ناتج من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، يُسمّى «اضطراب تشوه الجسم» Body dysmorphic disorder، يُصيب الذين لديهم قلق كبير متعلّق بأجسامهم وهيئتهم الخارجية، فيعانون من تشوهات فكرية جرّاء هذا الموضوع، ويرون أنفسهم بصورة مختلفة عن الصورة التي يراهم بها الآخرون، فيلاحظون أن لديهم شوائب ليست حقيقية. من عوارض الحالة، تُعدّد د. سعادة: «إطالة النظر إلى المرآة، أو على العكس من ذلك رفض النظر إلى الذات في المرآة، ومحاولة إخفاء أجزاء معينة من الجسم، أو حتى المعاناة من اضطرابات في السلوك الغذائي (البوليميا والأنوريكسيا)».
وتوضّح أن «سبب الاضطراب لا يرجع إلى مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن الأخيرة تعززه؛ أي تحثّ الفرد على مقارنة نفسه بالصور المنشورة على منصات التواصل الاجتماعي، ولو أن هذه الصور قد تكون غير حقيقية؛ الأمر الذي ينعكس بصورة سلبية على الثقة بالذات والنظرة إليها، فيقود إلى الإصابة بالقلق والاكتئاب، أو اللجوء إلى عمليات تجميلية مبالغ بها وغير مبررة طبياً، وحتى محاولة الانتحار أحياناً».
صحيح أنه لا مفرّ من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في العصر الراهن؛ إذ أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المهنية والاجتماعية، حسب د. سعادة، إلا أن هناك بعض النصائح للوقاية من الإصابة بالاضطرابين المذكورين آنفاً (الـ«نوموفوبيا» واضطراب تشوه الجسم)، تبدأ بمراقبة الآباء للأبناء، لا سيما المراهقين منهم، قبل بلوغ سن الرشد، والمتابعة النفسية. وتوسّع الفكرة، قائلة: إن «إدمان المنصات، على غرار أي نوع من الإدمان، يحمل تداعيات سلبية على حياة الفرد وعلى مستويات عدة. مثلاً، اضطراب تشوه الجسم يدفع بالفرد إلى التفكير بطريقة متطرفة، ما يؤثر سلباً في الصحة الجسدية والحياة والتعاطي مع الآخرين. إذاً، المتابعة والعلاج ضروريان، وقبلهما الوقاية حتى لا يصاب المراهقون بهذه الاضطرابات، لكونهم الأكثر عرضة لهذه الأنواع من القلق».
كبار السنّ
الواضح أن كبار السنّ هم الأكثر تأثراً بالـسلب بالـ«تكنوفوبيا» أو التطوّرات التكنولوجية التي تدخل في صلب اليوميات، لأسباب عدة، منها: النظر إلى التكنولوجيا الحديثة على أنها معقدة؛ لأن الفئة العمرية المذكورة لا تعرف طرق استخدامها، هذا قد يجعلها تخاف من عواقب عدم الاستخدام بالطريقة الصحيحة. الخصوصيّة أمر يجعل الريبة تنتاب المسنّين من استخدام الإنترنت. هناك أيضاً الخوف من فقدان الوظيفة والمستقبل، خصوصاً في المجالات التي تطبق التقنيات الحديثة بشكل كبير، مع استبدال الروبوتات بالموارد البشرية. الأسباب المذكورة آنفاً مسؤولة عن النظرة السلبية إلى التطوّر التكنولوجي وعدم الثقة به؛ لأن الفئة العمرية الكبيرة تعتقد أن ذلك يمثّل خطراً على حياتها وحياة المجتمع، كما على التواصل بين الأفراد وعلاقاتهم العفوية والبنّاءة، لتوازي التكنولوجيا في صفوفهم خسارة السيطرة على الأمور الحياتية.
إقرئي المزيد عن «شات جي بي تي».. تقنية ثورية .. ملأت الدنيا وشغلت الناس
منذ 1980
ترجع الاختصاصية ريتا الحاج إلى دراسات بدأت منذ عام 1980 تناولت الظاهرة، في بلدان، منها: بريطانيا، وإسبانيا، وبولندا، وإيطاليا، والولايات المتحدة الأميركية، ونيجيريا... حتّى في قطر والأردن ومصر، تناول الباحثون الظاهرة، في صفوف التلامذة، ما يؤكد أن الـ«تكنوفوبيا» لا يتعلق بكبار السن، بل يطال الصغار أيضاً. لكن، ما تيسر من دراسات يلفت إلى أن الذين يتجاوزون الخمسين أو الستين من أعمارهم، تتملكهم نسبة أعلى من الخوف من التكنولوجيا وتطوراتها، مُقارنة بالأشخاص الأصغر سنّاً.
ريتا الحاج: كبار السنّ هم الأكثر تأثراً بالـسلب بالـ«تكنوفوبيا» أو التطوّرات التكنولوجية التي تدخل في صلب اليوميات
عوارض
عن العوارض المرافقة للـ«تكنوفوبيا»، تذكر الاختصاصية:
- نوبات الهلع.
- تجنّب استخدام الحاسوب والهواتف وبعض الأنشطة التي تدخل ضمنها التكنولوجيا.
- عوارض جسدية ونفسية، منها: دقات القلب السريعة والضيق في التنفس، في حال كان الفرد مُحاطاً بالتطوّر التكنولوجي، وعدم قدرته على استخدام الجهاز وغيره والشعور بالفشل.
تنصح الاختصاصية باللجوء إلى المعالج النفسي للتعامل مع هذا الخوف الذي يتملّكه، علماً أن العوارض قد تزيد، أو على النقيض من ذلك تقلّ، تبعاً لكل فرد، وعمره، ومستواه التعليمي، وخبرته في الحياة.
30 % من البشرية
ثمة دراسات حسب الاختصاصية تُفيد بأن نسبة 30 % من البشرية تعاني من الـ«تكنوفوبيا»، لذلك اضطر العلماء إلى اقتراح طرق عدة للمساعدة على التأقلم مع التطوّر التكنولوجي وتعديل النظرة السلبية تجاهه، مثل: العلاج السلوكي المعرفي. هناك علاج ثانٍ يعتمد على مواجهة الـ«تكنوفوبيا»، في إطار معيّن يُشعر الشاكي بالأمان بصورة تدريجية. بينما يرتكز العلاج الثالث على تطوّر الوعي الذاتي ومراقبة الأفكار والمشاعر والجسد.
الـ«تكنوفوبيا»... حين تتحول التكنولوجيا إلى مقلقة
مع سرعة التقدّم التكنولوجي وتزايد سيطرة التقنية بأنماطها واستخداماتها على حياة الأشخاص، برزت ظاهرة الـ«تكنوفوبيا». يصف المصطلح الأفراد، الذين يشعرون بعدم الارتياح أو القلق من التكنولوجيا المتقدّمة، فيمتنعون عن التعامل مع أدواتها. في هذا الإطار، تؤكد ريتا الحاج، الاختصاصية في علم النفس العيادي لـ«سيدتي» أنّه «لا يُعترف بـ«التكنوفوبيا» بوصفه اضطراباً أو مرضاً نفسياً، في إطار الدليل التشخيصي للاضطرابات النفسية، ولو أن اختصاصيين نفسيين كثيرين يلاحظون هذا الخوف المفرط والقلق في صفوف البعض؛ الأمر الذي يقود إلى مشكلات صحية منوعة».
يمكنك الاطلاع أيضاً على هل تخشى الإنفصال عن هاتفك الذكي؟ إحذر "النوموفوبيا"