قصة نجاح محفورة في تصاميمها الفاخرة، بدأت منذ الطفولة، بغرفتها، وحب ترتيب المساحات وتنسيق قطع الأثاث، واختيار الإكسسوارات المناسبة، تغيّر أماكن الأشياء للوصول إلى المشهد الذي يرضيها، كل ذلك ترافق مع عبارات التشجيع والارتياح لخياراتها ممن حولها في البيت، خصوصاً من والدها الذي شجعها على دخول مجال الهندسة. هي المصممة الأردنية العنود النابلسي، المولعة بالألوان، حتى في اختيار ملابسها، التي يشغل تفكيرها طرق ملء أي فراغ في المساحة التي تضع فيها تصاميمها، بشكل لا يمكن التركيز فيه على زاوية معينة.
أصبح بإمكان العملاء رؤية مشاريعهم عن طريق عرض ثلاثي الأبعاد والتجول داخلها عن طريق الفيديوهات الجرافيكية
في بداية حياتها الدراسية، تنقلت العنود بين العديد من البلدان حتى أنهت دراستها في الهندسة بالجامعة الأميركية في نيويورك، في الطابع الكلاسيكي الجديد، والمعاصر، وحتى الإسكندنافي؛ ما جعل ثقافتها متنوعة ومتفتحة، فهي تضع تصاميمها بشكل عملي وجمالي في الوقت نفسه، ومريح للعين، مستخدمة فن الألوان التي لا تنفصل عن أي تصميم ناجح برأيها.
تتابع قائلة: «المصمم الناجح هو من يعرف كيف يمزج الألوان، ويجعل تصاميمه كلوحة فنية؛ حيث يتم اختيارها بحسب المساحات، فتصميم غرفة نوم مثلاً، ليس كتصميم مكتب أو غرفة جلوس، مع الأخذ بذوق العميل الشخصي. كما يعتمد هذا الاختيار على الموقع، فتصميم منزل صيفي يقع على البحر يعتمد على ألوان الطبيعة، وهو ليس كتصميم منزل في واحدة صحراوية، تحيط به الرمال، والألوان الهادئة، وكل تصميم من هذه الثقافات بحر جميل بحد ذاته، ليس له سقف للإبداع، فهناك من يبدع بالكلاسيكي، وهناك من يبدع بالمودرن، وكل منهم مختلف عن الآخر، ولكن من الممكن أن يبهرك الاثنان مع اختلافهما الكبير».
عشق السفر
تبذل العنود جهدها، بصفتها مصممة لتكون مبدعة على الأقل في ستايل واحد يشبهها ويشبه تفكيرها وعواطفها، لذلك تحاول دائماً أن توسع نطاق ثقافتها، وتطلع على ما يحدث حولها من ابتكارات جديدة، تستدرك قائلة: «بطبعي أعشق السفر وأحاول دائماً أن أستغل أوقات فراغي به إلى مدن جديدة، ولقد زرت أكثر من 30 بلداً عربياً وأجنبياً؛ ما جعل نظرتي إلى لأشياء مختلفة، وجعلني دائماً متشوقة لأرى ثقافات جديدة وعادات شعوب مختلفة، وهذا ساعدني جداً على تطوير تصاميمي وقدراتي بكل مرونة لاستيعاب حاجة الفرد للمساحات والتصاميم. كما أسعى دائماً إلى مقابلة مصممين عالميين، والاطلاع على أبرز تصاميمهم، مثل إبداعات زها حديد، التي تسحرني تصاميمها بصفتها مهندسة أولاً، ونجاحها بصفتها امرأة متميزة ثانيا».
من عالم الديكور نقترح عليك قراءة اللقاء مع المصمم السويسري ديفيد جيريللي David Girelli: تصميماتي تكريم جميل للبساطة والصدق
الطرز الشرقية
بصفتها مهندسة عربية، مع أنها درست في الجامعة الأميركية، تجد النابلسي نفسها، في اللاشعور، توشح تصاميمها بلمسات شرقية في بعض الأحيان. فهي تطعم الديكور الداخلي «المودرن»، بالتفاصيل الشرقية، لا سيما الخطوط البسيطة والواضحة، التي تضفي على المنزل جواً من الدفء والترحيب.
تضيف العنود: «أعشق الشعر والخط العربي، ومن اللمسات أنني قد أضيف لوحة بخط عربي إلى المكان، أو أصمم مساحة كاملة باستخدام الزخارف الأندلسية، مع إمكانية دمجها بستايل المودرن، وقد صممت بعضاً من المساحات العربية كغرف جلوس على الطراز المغربي، وكذلك غرف نوم».
تحاول العنود دائماً استخدام مواد تتوافق مع ميزانية العميل، فهي تجد أن هذا الأمر مهم جداً قبل البدء بالتصميم. فهناك العديد من المصممين الذين يخرجون بأجمل تصميم، ولكن يُصدم العميل وقت اعتماد الأسعار الخارجة عن ميزانيته. فالشيء القيم ذو الجودة العالية يتميز بسعره المرتفع، تستدرك قائلة: «بالطبع أبحث دائماً عن مواد ذات جودة عالية لكي تدوم لأطول فترة ممكنة، غير أنني في المقابل أبحث عن التنوع والتجدد في اختيار المواد من جميع أنحاء العالم. فمثلاً أنا من عشاق الرخام بأنواعه، وأتعامل مع مصانع في إيطاليا لتصدير أجود وأرقى أنواع الرخام. بالطبع هذا الأمر مكلف، ولكن النتيجة تستحق».
أدوات الذكاء الاصطناعي
لمصممتنا الشابة مشاركاتها التي تراعي البيئة، والتي تعدها مسؤولية كل فرد منا، فهي تحاول دائماً البحث عن مواد طبيعية لا تضر البيئة، ولا تؤثر في صحة الإنسان. وهناك بالفعل مشاريع يتم تنفيذها، بما يتوافق مع الطبيعة. فكثير من المشاريع تعتمد على الطاقة الشمسية للإضاءة داخل المكاتب والمنازل وخارجها.
تستطرد قائلة: «تساعدنا التكنولوجيا على تقديم حلول هندسية رائعة ومتطورة في زمن قياسي لا يمكن تحقيقه بالأساليب التقليدية، فنخرج بتصميم داخلي فني يحقق مفاهيم الأناقة والراحة لحياة المرء. ويظهر ذلك من خلال تعزيز القيمة الجمالية في مساحةٍ محددة؛ إذ بات الناس يستثمرون الكثير من الوقت والمال للحفاظ على السحر الداخلي لمنازلهم وشققهم ومكاتبهم. وكما الكثير من الصناعات، فقد شقّ الذكاء الاصطناعي طريقه في هذا المجال. وعندما يتعلّق الأمر بالتصميم الداخلي، تساعد أدوات الذكاء الاصطناعي على إنشاء زخرفةٍ مخصصة من خلال عكس شخصية المالك، وفي الوقت نفسه تكون مريحة وأنيقة. وبالتالي، تؤثّر هذه التقنية بشكلٍ إيجابي في صناعة التصميم الداخلي بشكلٍ ملحوظ؛ حيث أصبح بإمكان العملاء رؤية مشاريعهم قبل البدء بها عن طريق عرض ثلاثي الأبعاد، وأيضاً التجول داخل المشروع عن طريق الفيديوهات الجرافيكية».
تابعي اللقاء الخاص مع المهندس سام سعادة: الإضاءة تترجم طابع المشروع وجوّه
الأذواق النسائية
في مجال عملها، تواجه المصممة الأردنية الكثير من الأذواق والآراء المختلفة، منها ما يتناسب مع نمط وطريقة عملها، والعكس تماماً موجود أيضاً، لذلك تحرص في شركتها على أن تعطي الكثير من الوقت لسماع آراء الزبائن، وطرح اقتراحاتهم لتصل إلى قرار يرضي الطرفين.
تتابع قائلة: «أنجزت مشروع لقصر خاص في أبو ظبي أخذ مني التصميم فقط سنتين من غير التنفيذ، وذلك لكبر مساحة المشروع، ودقة التفاصيل، وتنوع الأنماط فيه، مثل جناح خاص للسباحة، وصالة رياضية خاصة متكاملة لجميع تمارين الأيروبيكس واليوغا، وكراج داخلي مُبرد للسيارات الكلاسيكية. كذلك يحتوي القصر على جناح خاص أيضاً للأطفال، ويتضمن غرف نومهم، وأمكنة لألعابهم، إضافة إلى مسبح داخلي. وقد تميز هذا المشروع باختيارات المواد ذات الجودة العالية وتنوع الأفكار الإبداعية، فأجمل ما فيه غرفة الموسيقى».
تضيف: «مع روعة هذه التصاميم، تعاملت بالتأكيد مع أذواق نسائية في غاية الدقة؛ حيث تتميز المرأة العربية بأناقتها الرفيعة، في تحديد ما تريده، وتبحث دائماً عن التميز والتجدد، ليس فقط في المجال الشخصي من أزياء وأشياء كمالية، بل حتى في أدق تفاصيل منزلها ليكون متجدداً وعملياً في آن واحد، وبما أنني أراعي متطلبات زبائني وأذواقهم، وأحرص على إرضائهم بطريقة تناسب الطرفين، وعدم الاعتماد على ذوق أو ستايل معين في تنفيذ الأفكار، لكن توجد معايير جمالية وهندسية معينة يجب عدم تجاوزها في التنفيذ، حتى لو أصرت الزبونة على ذلك الخروج من إطار هذه المعايير، وقليلاً ما يطلبن مني تصاميم لا تليق بذوقي أو معايير الجودة، فأرفض تماماً تنفيذها».
بيتي الخاص
تقدم العنود للأمهات نصائح تفيدهن عندما يرغبن في التخطيط لتصميم غرف أطفالهن، التي طالما واجهت مواقف معاكسة في تصميمها، فهي تفضل أن يكون توفر جميع معايير السلامة، هو المقياس الأول للتصميم، حتى إن لم يوفر الجمالية التي تريدها الأمهات. كما ترى أنه لا بد من توفير المساحات التي تناسبهم وتناسب الأهالي في حال قضاء بعض الأوقات في غرف أبنائهم.
تعلّق: «أحلم مستقبلاً بتصميم المكان الذي سأقضي فيه سنوات طوال مع عائلتي؛ حيث تتزايد وتتغير حاجاتي وحاجاتهم مع مرور الزمن، سواء في التوسع من أجل الأولاد، أو التغيير في الزوايا الداخلية، وإحداث لمسات مستقبلية تمكنني من التوسع أفقياً أو عمودياً من دون الحاجة إلى هدم المنزل بشكل كلي وإعادة بنائه لاستيعاب التطور الحاصل والحاجات الضرورية».
تحلم العنود باختيارها للمشاركة في مشروع نيوم في السعودية، هذه المدينة الخيالية الاستثنائية، لتحقق فيها طموحها في مجال الهندسة والتصميم الداخلي، فهذا المكان الحالم سيجعلها تخطو خطوات واثقة في مجال الابتكار والتفرد والإبداع في هذا العمل الضخم، الذي سيفتح لها أبواباً كبيرة، لتضع بصمتها الخاصة عن طريق اللجوء إلى الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا لتحقيق تصاميم مبتكرة وفعالة في أقصر وقت ممكن.
ما برأيك بمتابعة اللقاء مع المصممة كارن شكرجيان: الفنون والحرف كانت منقذة لي